للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حدِّ اللُّوطِيِّ؟

فالجواب: إذا قيل: مذهبُ الإمامِ أحمدَ، فالمرادُ المذْهَبُ الاصطلاحيُّ لا المذهبُ الشَّخْصِيُّ، فقد يكونُ مذهبُ الإمامِ الشخصيِّ خلافَ المذهب الاصطلاحيِّ، فلذلك نَنسُبُه إلى الإمام أحمدَ اصطلاحًا.

القول الثالثُ: أنه لا حدَّ فيه، وأنه يُكتَفَى فيه بالرَّادِعِ النَّفْسِيِّ، وما كان خبيثًا في النفوس فإنه لا حدَّ فيه بل يُكْتَفَى فيه بالرَّادِعِ النَّفْسِيِّ، فالبولُ أخبث من الخمْر، والخمر فيه حَدٌّ، والبولُ ليس فيه حَدٌّ لأن النفوس تنْفِرُ منه وتستَقْذِرُهُ، فاكتفى بالرادِعِ الطَّبيعِيِّ عن الرادِعِ التأْدِيبِيِّ، وهذا القول حكي عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ، وهو قولٌ ضَعِيفٌ جِدًّا.

وأما قولهُمْ: إنه مستَقْذَرٌ لا تأْلَفُه الطِّباعُ، فهذا صحيحٌ بالنسبة للطِّباعِ السَّليمَةِ، لكن بالنسبة للطِّباعِ المهِينَةِ فإنها تألَفُه، فهؤلاء قومُ لوط أمَّةٌ كلُّهُم على هذا الأمر، فكيف نقول: الذي يُسْتَقْذَرُ في الطباعِ السلِيمَةِ لا يرْدعُ بالتأدِيبِ، فالصوابُ أن هذا القولَ ضَعيفٌ جِدًّا، ولولا أنه قيل ما حَكَيْنَاهُ.

الفَائِدةُ الخامِسة: ينْبَغِي ذِكْرُ ما يُنَفِّرُ عن العملِ السَّيئ، لقولِهِ: {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}، ووجه كونه مُنَفِّرًا لأنهم ليس لهم قُدْوَةٌ حتى يُعذَرُوا بها، وكذلك آثامُ مَنْ بَعدهُم تكونُ عليهم.

الفَائِدةُ السَّادسَة: تأكيدُ الأمرِ المنْكَرِ بما يقْتضِيهِ الأُسلوبُ في اللغة العَربِيَّةِ، لقولِهِ: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} فإن (إن) و (اللام) للتوكيد.

وكيف يُؤَكَّدُ هذا الأمرُ مع أنهم معتَرِفُونَ به؟

<<  <   >  >>