للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{يَحْكُمُونَ} ـهُ] قَدَّر المُفَسِّر الهاءَ لتكونَ عائدًا إلى الموصُولِ، أي: ساءَ الذي يحكُمونَهُ.

إذن: (الَّذِي) فاعلٌ، والمخصوصُ بالذَّم.

وقولُه: [حُكْمهُمْ هَذَا] اهـ.

هذا هو المخْصُوصُ، وكلُّ فِعْلٍ من الأفعالِ الجامِدةِ التي للذَّمِّ أو للمَدْحِ تحتاجُ إلى فاعلٍ وتحتاجُ إلى مَخصوصٍ، والمخصوصُ دَائمًا يُحذَفُ لدَلالةِ الفاعِلِ عليه، تقول: (نِعمَ دارُ المتَّقِين الجنَّةُ)، الفاعلُ قولِنا: دارُ، والجنَّةُ هي المخْصوصُ بالمدْحِ، والجنَّةُ: فيها وجهانِ للإعرابِ:

أحَدُهُمَا: أن تجعلها مُبتدأً مُؤخَّرًا، والجملَةُ خبرٌ مُقَدَّمٌ.

والثاني: أن تجعلها خَبرًا لمبتَدَأ محذوفٍ، تَقْدِيره: هي الجنَّةُ.

أما قولَه: [نِعْمَ دارُ المتقينَ] فَهِي فِعلٌ وفاعِلٌ.

يقولُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِئسَ ما يَحْكُمونَ حُكمهُم هَذَا]، ولا ريبَ أن ما حَكَموا بِه وظَنُّوهُ هو ظنُّ سَوءٍ لا يَلِيقُ باللَّه، فإنَّ اللَّهَ تعالى يقولُ في آياتٍ كثيرَةٍ: {وَمَا هُم بِمُعْجِرينَ} [الزمر: ٥١]، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} [فاطر: ٤٤]، فهؤلاءِ الذين استَمَرُّوا في عَمَلِ السَّيئاتِ، وظَنُّوا أن اللَّهَ تعالى لا يَقْدِرُ عليهِمْ ولا يَنتَقمُ منهم، أضَافُوا والعِياذُ باللَّهِ شَرًّا إلى شرِّهم.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: التَّهْديدُ والوَعيدُ لمنَ ظَنَّ أن اللَّهَ لا يَقدِرُ عليه بعَملٍ السيِّئاتِ، لقَولِهِ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا}.

<<  <   >  >>