للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: ٥]، وقولُهُ: {وَكاَنَ اللَّهُ سَمِيْعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤]، فـ (كان) في مثل هذه الآياتِ مَسلُوبَةُ الزَّمَنِ، والمراد اتِّصافُ اسمهَا بخَبرِهَا، أو نقول: دالَّة على الزَّمَنِيَّةِ؟

الجواب: كلاهما محتَمَلٌ، فإن شئتَ فقل: كانت في عِلْمِ اللَّه مِن الغابِرِينَ، وإن شئت فقل: كانت، أي: اتَّصَفتْ بكونها مِنَ الغَابِرينَ، أي: الباقِينَ في العذاب، يعني: ليست بناجية.

لو قال قائل: ما الفرقُ بين أن نقول: زوجة فلانٍ أو امرأةُ فُلانٍ؟

الجواب: لا فَرْقَ، وأما من قال: إنَّنا نُعَبِّرُ بالمرأة بدلًا عن الزَّوجَةِ إذا كانت مُسلِمَةً وزوجها كافِرٌ أو بالعكس، كما في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: ١١]، نقول: هذه القاعدة تُنتَقَضُ بقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤]، فأُطْلِقَتْ على الزوجةِ مع اتِّفاقِ الدِّينِ ودائمًا الإنسان يَبْدُو له أن الشَّيءَ مُطَّرِدٌ ويَغيبُ عنه أنه قد يُنْتَقَضُ، فلذا يجِبُ على الإنسان أن يحترِزَ بقولِهِ: [غالبًا]؛ لأجل إذا نُقِضَ كلامُه لا يكون في تعْبِيرِهِ خَللٌ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: رأفَةُ إبراهيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وحِلْمُه، لقولِهِ: {إِنَّ فِيهَا لُوطًا} وكأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يريدُ ألَّا تَهْلِكَ هذه القريةُ لوجودِ هذا الرَّجُلِ الصَّالحِ، هذا احتمال.

واحتمال آخر: هو أنه أوْرَدَ هذا الإيرادَ ليَنْظُرَ ماذا ستكون عليه حَالُ لُوطٍ.

والاحتمال الثاني أرْجَحُ، والمعنى: ماذا تفعلون بهذا الرجل، ويُؤَيِّدُهُ قوله تعالى: قالُوا {لَنُنَجِّيَنَّهُ}.

<<  <   >  >>