للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٥)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [العنكبوت: ٣٥]

* * *

قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا} الجملةُ مؤَكَّدَةٌ بثلاثَةِ مُؤكِّدَاتٍ، وهي: القَسَمُ، واللامُ، وقَدْ.

قوله: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا}، أي: أبْقَيْنَا مِنْها، فالتَّرْكُ هنا بمعنى الإبقاءِ، وهو ظاهرٌ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، تقول: أخذت كذا وتركتُ كذا، أي: أَبْقَيْتُ.

قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً} يعني: أبْقَيْنا من هذه القَضِيَّةِ آيةً بَيِّنَةً، {آيَةً} بمعْنَى عَلامَةٍ، و {بَيِّنَةً} بمعنى ظاهِرَة وواضِحَة، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ظَاهِرَةٌ، هِي آثَارُ خَرابِهَا].

وفي سورةِ الصَّافاتِ قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: ١٣٧ - ١٣٨]، فكان العربُ يَمُرُّونَ على هَذِه القُرى ذَاهِبِينَ وعائدينَ إلى الشَّامِ، فيرونَ مِنْ آثارِ العَذابِ ما هو ظِاهِرٌ لكنهم لا يسْتَفْسِرُونَ، ولهذا قال [{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} يتدبرون].

قوله: {لِقَوْمٍ} متَعَلِّقَةٌ بـ {تَرَكْنَا}، ويجوز أن تكونَ متَعَلِّقَةً بـ {بَيِّنَةً}، فيجوزُ أن يكون المعنى: بيِّنَةً للعَاقلينَ، ويجوزُ أن يكون المعنى تَرْكَنَاهَا للعاقِلِينَ.

<<  <   >  >>