فقال العالم:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[يس: ٨٢]، لو أراد ذَلِك لفَعَلَهُ.
مع أن الأخير يُنكَر حسبَ ما يَبْدو للناسِ أكثرَ مِنَ الأوَّل، والحاصلُ أن الإنسان إذا قَرأَ قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ولا يجوز أن يَقَعَ في نفسه استثناء شيءٍ من هذا العُموم، بل يكونُ على عُمومِهِ بدونِ تَفْصِيلٍ.
الفَائِدةُ السَّادِسَةُ: إثباتُ الأفعالِ الاختِيَارِّيةِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ، فإنها مِنْ تمامِ قُدرَتهِ جَلَّ وَعَلَا، كالمجِيءِ والنُّزولِ والاستِواءِ على العَرْشِ والضَّحَكِ والعَجبِ وما أشبه ذلك.
الفَائِدةُ السَّابِعةُ: خَطَأُ مَنْ قال: خَصَّ العقلُ ذاتَه فليس عليها بقَادِرٍ، وقد بيَّنَّا أنه ليسَ بصحيحٍ، وقلنا: إن هذا مذهبُ الذين يُنْكِرُونَ قِيامَ الأفعالِ الاختيارية باللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وهذا لا شَكَّ أنه يَرُدُّه الكِتابُ والسُّنَّةُ وإجماعُ السَّلَفِ، وهذا مما نَبَّهنَا عليه وإن كان ليس داخلًا في مَضمونِ الآيَةِ.