للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَصَّصَ في عقْلِ المثَلِ، التَّعميمُ في ضربِ المثلِ في قوله تعالى: {نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} والتَّخصيصُ في قولِهِ: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}.

وأسلوبُ التَّعْميمِ ثم التَّخْصِيصِ كثيرٌ في القرآنِ، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥]، فعمَّم في الدَّعوةِ وخَصَّصَ في الهِدايَةِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: فائدِةُ ضرْبِ الأمثالِ وأنه نَوعٌ من التَّعليمِ والتَّوجِيهِ، لقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ}.

الفَائِدةُ الثَّانِية: رحْمَةُ اللَّهِ تعالى بالخَلقِ بضَرْبِ الأمثالِ لهُم؛ لأن ضَربَ الأمثالِ كما تقدَّمَ يقَرِّبُ المعْقولَ، وتَصَوُّرُ الإنسانِ للمحْسوسِ أقْوى من تَصَوُّرِهِ للمَعقولِ، فقد تَشْرحُ لشخْصٍ صفَةَ الحجِّ شرْحًا بيِّنًا وافيًا، لكن لو ذهبتَ به إلى الحجِّ ورَأى المناسِكَ لكان أبْلَغَ لأنه يُحِسُّه بعَينِهِ، بخلافِ ما تَصوَّره بقلْبِهِ فإنه لا يُدْرِكُه كإدراكه للمَحْسُوسِ.

الفَائِدةُ الثَّالِثة: أنه ينْبغِي التأمُّلُ في الأمثالِ لقولِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} فالعَالم هو الَّذِي يتَأَمَّلُ وينْظُرُ حتى يَعْقِلَ.

الفَائِدةُ الرَّابِعة: إثباتُ عظَمَةِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لقوله: {نَضْرِبُهَا}، فإن النُّونَ للعَظَمة.

واعْلمَ أن ما أضافَهُ اللَّه تعالى لنَفْسِه بلفظ العَظَمَةِ فإنه يدُلُّ على عظَمَةِ نفْسِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد يُرادُ به مَلائِكَتُهُ لا نَفْسَهُ إذا دَلَّ على إرادَةِ الملائكَةِ، وإلا فالأصلُ

<<  <   >  >>