قولُهُ:{وَمِنَ النَّاسِ}(مِنْ) هذه للتَّبْعيضِ، والجارُّ والمجرورُ خبرٌ مُقدَّمٌ.
وقولُهُ:{مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ}(مَنْ) مبتدأٌ مُؤخَّر معناه: أنه يقولُهُ بلِسانِهِ، ولكنَّه لم يرْسَخِ الإيانُ في قلْبه، ولهذا فإذا أُوذِيَ في اللَّه جعلَ فِتنةَ الناس كعذابِ اللَّهِ، فهو يقولُ بلسانه: آمنَّا باللَّهِ.
قولُهُ: [{فَإِذَا أُوذِىَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتنَةَ النَّاسِ} أي: أَذَاهُمْ لَهُ {كَعَذَابِ اللَّهِ} في الخوفِ منه فيُطِيعُهُمُ فيُنَافِقُ] اهـ.
قولُه عَزَّ وَجَلَّ:{فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ} شَرْطٌ، و {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ} الجوابُ، وإيذَاءُ المؤمنِ من غيرِهِ فِتْنَةٌ يُختَبرُ بها المرءُ، فإن بعضَ النَّاس إذا كان مؤمنًا وحصلَ لَهُ أَذِيَّةٌ لم يصْبِرْ وارْتَدَّ، نسألُ اللَّه العافية، وبعضُ الناسِ في إيمانِهِ قُوَّةٌ لو أُوذِيَ صَبَرَ وازدادَ قوَّةً في إيمانِهِ، لكن هذا الذي قال: آمنا باللَّهِ لكنْ ليس عِندَهُ إيمانٌ راسخٌ في القلْب؛ لأنه إذا أُوذِي في اللَّهِ {جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} في الخوفِ منْهُ، فيرتَدَّ بسبِ هذا الإيذاءِ ويقول: هذه عُقوبة، فأنا أرْجِعُ عما أنا عليه، وحينئذٍ يُنافِقُ، ولكنه مع هذا