وأول ما يمكن هَدْمُهُ مسألةُ البسملَةِ، فالبسملَةُ ليست بأَوَّلَ ما نَزَلَ من القرآن حتى نقول: إذًا القرآنُ مرَكَّبٌ عليها، بل أولُّ ما نزل قوله تعالى:{اقْرَأْ}[العلق: ١].
ثانيًا: البسملَةُ ليست كما زَعَم تسعةَ عشرَ حَرْفًا، فحروفُ البسملة هي: الباء، والسين، والميم، والهمزة، واللام، واللام الثانية، والهاء، والألف، والراء مكررة، والحاء، والميم، والألف، والنون، هؤلاء أربعة عَشَرَ حرفًا، وكذلك الهمزة والراء مكَرَّرَهٌ، والحاء والياء والميم، فهؤلاء عشرونَ لا تِسْعة عشرَ كما زعم؛ لكنَّه يقولُ: المعتَبرُ الكتابةُ، والرحمن ليست فيها أَلِفٌ؛ لأنه بإسقاط الأَلِفِ مِنَ الرحمن يكونُ العددُ تسعة عشر، ونحن نقول: إذا قلت هذا فأَثْبِتِ الألف التي في (الرحمن والرحيم) فإذا أَثْبَتَ الألِفَ صارَ العددُ واحدًا وعشرين.
ثم نقول له أيضًا: إذا اعْتَبَرْتَ الكتابة هل نزلَ القرآنُ مكتوبًا أم نَزَلَ منْطُوقًا؟
وأيضًا: لو كانت القاعِدَةُ الكتابيةُ على غير هذا الوجه لزادَتِ الحروفُ ونَقَصت، فالحروفُ المكتوبةُ تزيدُ وتنْقُص بتَغَيُّرِ القاعدةِ الكتابية، أما الحروف المنطوقةُ فلا تَزيدُ ولا تَنْقُص، ولذا نجِدُ في الكتابة الإنجليزية بعضُ الأحيان يكتبونَ الحركاتِ حُروفًا، وانظر إلى الصينيين عندهم آلاف الحروفِ.
الحاصل: أن الكتابةَ صناعِةٌ ليس لها دخلٌ في النُّطْقِ، والقرآن نزل باللُّغَةِ العربية، بلسانٍ عَربِيٍّ مُبِينٍ، لكنهم يُلَبِّسُونَ ويُلْقُونَ الشُبَهَ، ويزْعمونَ أنهم خدَمُوا القرآن بهذه الأفعال أمامَ هؤلاء الأجانب الذين لا يَعْرِفُون إلا المادَّةَ.
ولو أنهم بَيَّنُوا للناسِ هذا الدِّينَ وما جاء به من الأخلاقِ والمعامَلاتِ، لكانَ خيرًا لهم لو كانوا يَعْلَمُونَ!