للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندهم مَعْرِفَةٌ، والقرآن هو الدستورُ الأعْظَمُ، وأما السُّنَّةُ فلا قيمةَ لها.

وصارَ -والعياذ باللَّه- يَدْعُو إلى هذا المذهبِ الخَبِيثِ، ولأنه جَمَعَ أموالًا كثيرة فقد استَخْدَمها في هذا الغرضِ، وألَّفَ كِتابًا في تفْسِيرِ القرآنِ كلُّهُ هجومٌ على السُّنَّةِ وعلى المتَمَسِّكِينَ بالسُّنَّةِ.

فالحاصل: أن القرآنَ والسُّنَّةَ كلاهما صِنْوانٌ، وكلاهُما مِنْ عندِ اللَّه، وهما مصدرُ التَّشْرِيعِ؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: ٥٩].

ويَغْلُب على ظَنِّي أن هذا الرجل كتب مقَالَةً في جريدة، قال: القرآنُ مركَّبٌ على العددِ تسعةَ عَشَرَ، وأن كلَّ شيءٍ فيه يَدُورُ على هذا العدد، فسُوَرُ القرآن مئة وأربع عشرة سورة، هي نتيجةُ ضَرْبِ تسعةَ عشَرَ في ستة.

وكذلك حرَّف قوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: ٣٠]، قال: (عليها)، أي: على صِحَّةِ ما جاءَ في القُرآنِ (تسعة عشر) أي: تسعةَ عَشَرَ حرفًا هي البَسْمَلَةُ، مع أن تفسير قوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} يعني على النار مَلائكَةٌ، ومرادُهُ من وراءِ ذلك أن يَسْتَدِلَّ على أن هذا القرآنَ لا يمْكِنُ أن يأتيَ به محمَّدٌ؛ لأن كونَ القرآنِ مكَوَّنٌ من هذا العددِ لم يُعرَف هذا إلا بعدَ ظهورِ الكمبيوتر.

ويقول أيضًا في قوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: ١]: ابتدأتِ السورةُ بالقاف؛ لأن مجموعَ ما فيها من القافات يُقْسَمُ على تسعة عشر، والدليلُ على ذلك لم يقل: "وقَوم لوط" بل قال: {وَإِخْوَانُ لُوطٍ}؛ لأنه لو قال: وقوم لوط لزاد قاف ولم تحْصُل القِسْمَةُ المطلوبةُ.

فهو على كلِّ حالٍ ملَبِّسٌ صاحبُ شُبهَةٍ، وقد كَتَبْنَا رَدًّا عليه.

<<  <   >  >>