للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتُجازِى جزاءَ الموحِّد، وهما بَقِيا على الشِّركِ فيُجازَيان جزاءَ المشْرِكِ، بل أبلغُ من ذَلكَ يجازَيانَ جزاء المشركِ الدَّاعِي إلى الشِّركِ؛ لأنهما ما جاهَدَاهُ على الإشراكِ إِلَّا وهما مُقِيمانِ عليه ومُصَرَّانِ عليه، فيكونُ عليهما عُقوبتانِ:

إحداهما: عُقوبَةُ إشراكِهِما.

والثانية: عقوبةٌ على دَعْوتِهِما إلى الشِّركِ بل ليس دَعوةٌ فقط، وإنَّما مجاهَدَةٌ للولَدِ على أن يُشركَ.

قوله: {إِلَيَّ مَرجِعُكُمْ} يعني: أنتَ وهُما، {فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}: أُخْبركُم، والمراد بالإخْبارِ لازِمُهُ، ولهذا قال المُفَسِّر: [فَأُجَازِيكُمْ بِهِ].

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: وجوبُ الإحسانِ إلى الوالِدَيْنِ بالقَولِ والفِعل والمالِ.

الفَائِدةُ الثَّانِية: إثباتُ رَحْمة اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حيثُ وَصَّى الإنسانُ بوَالِدَيهِ.

الفَائِدةُ الثَّالِثةُ: أن للوالِدَين حقًّا وإن كانَا كافِرَينِ، لقولِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الآية: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} فهُما مُشركانِ ويجاهِدَانِهِ أيضًا بأنْ يُشْرِكَ، ومع ذلكَ أوْجبَ اللَّهُ لهما الإحسانَ.

الفَائِدةُ الرَّابِعة: أنه لا طاعَةَ لمخْلوقٍ في مَعْصِية الخالقِ لقوله: {فَلَا تُطِعْهُمَا}.

الفَائِدةُ الخامِسة: وجوبُ طاعتِهما في غيرِ المعْصيةِ إذا كان ذلك مِنَ الإحسانِ إليهما؛ لأنه إنما نُهي عن طاعَتِهمَا في المعصِيَةِ، وهنا يقال: نُهِيَ المرءُ عن طاعَةِ الوالِدَيْنِ في الشِّرْكِ وسكتَ عن طاعَتِهِما في غيرِ الشِّرْكِ، يعني: نهى عن طاعَتهما في المعْصِيَةِ وسَكَتَ عن طاعَتهما في غيرِ المعْصِيَةِ، وطاعتهما في الواجبِ واجِبَةٌ؛ لأن اللَّه أوْجَبَهَا.

<<  <   >  >>