وعلى هذا فنقول: المرادُ بالعِبادَةِ: مُطلَقُ الالتزامِ والتَّذَلُّلِ، وبالتَّقْوى أن يتَّقِيَ الإنسانُ ربَّه في كُلِّ جِنسٍ من جِنسِ المعاصِي وأفرادِها، وهنا يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[خَافُوا عِقَابَهُ]، ولو أن المُفَسِّر فسَّرَ الآيةَ بما يُطَابقُ اللفظَ لكان أَوْلى، فلو قال: اتَّقَوا عقابَه لكانَ أَوْلَى.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} يعني: مما أنْتُم عليه مِن عبادَةِ الأصنامِ، و {ذَلِكُمْ} المشارُ إليه العبادةُ والتَّقْوى.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفَائِدةُ الأُولَى: فَضيلَةُ إبراهيمَ حيثُ أمَرَ قومَه بما ذُكِر.
الفَائِدةُ الثَّانِية: أنه ينبغي ذِكْرُ الدُّعاةِ إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما يَرفَعُ من شَأنِهِمْ؛ لأننا قَدَّرْنا {وَإِبْرَاهِيمَ} مفعولٌ لفِعْلٍ محذوفٍ تقْدير: اذْكر إبراهيمَ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: وجوبُ عِبادةِ اللَّه وتَقْواهُ، لقولِه:{اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ}، لأن الأصلَ في الأمْرِ الوجوبُ.
الفَائِدةُ الرَّابِعة: أن خيرَ ما يحصُلُ عليه العبدُ عبادةُ اللَّه وتَقْواه، لقولِه عَزَّ وَجَلَّ:{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ}.
الفَائِدةُ الخامِسة: أنه لا يَعْقِل الخيريَّةَ في العبادَةِ والتَّقْوى إلا أهلُ العِلْمِ، وذلك لقولِه تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.