للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{نِعْمَ أَجْرُ} خبرٌ مُقَدَّمٌ.

وسمَّى اللَّه تعالى الثَّوابَ أجْرًا من بابِ إظهارِ كَرَمِهِ على عِبادِهِ كأنهم أُجَراءُ، فيكون هذا الثوابُ واجِبًا وُجوبَ الأُجْرَةِ للأجِيرِ، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَمَّى الإنفَاقَ في سبيلِهِ إقْراضًا فقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥]، كأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل هذا الإنفاقَ بمَنْزِلَةِ الشيءِ اللازِمِ رَدُّهُ كما يلزمُ رَدُّ القَرْضِ، وهذا لا شكَّ أنه مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفضْلِهِ، وإلا فهو المتَفَضِّلُ أوَّلًا وآخِرًا.

فاللَّه تعالى هو المتَفَضِّلُ بالعملِ وهو المتَفَضِّلُ بالجزاءِ، ولكِن لنِهَايَةِ كرَمِهِ وغايَةِ جُودِهِ جعلَ عَمَلَ الإنسانِ كأنَّهُ عَمِلَ مِنْ نَفْسِهِ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: ٦٠]، نسأل اللَّهُ أن يجْعَلَنَا من المحْسِنِينَ المجازين بالإحسانِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: أن الإيمانَ إذا قُرِنَ بالعَملِ الصَّالِحِ فالمرادُ به ما فِي القَلبِ، ووَجْهُ ذلكَ: أن العطفَ يقْتَضِي المغايَرَةَ، أما إذا ذُكِرَ الإيمانُ وحدَهُ فإنه يدْخلُ فيه العملُ الصالحِ.

الفَائِدةُ الثَّانِية: اشتراطُ أن يكونَ العملَ صَالحًا، والعملُ الصَّالحُ ما جمعَ شَرْطَيْنِ: الإخلاصِ، والمتابَعَةِ لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فالمُرائِي بعملِهِ عَمَلُهُ ليس صَالحًا لفَقْدِ الإخلاصِ، والمخْلِصُ المبْتَدِعُ عَمَلُه كذلك غيرُ صالح؛ لأنه غيرُ متَابع للنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لكن هل تُشْتَرَطُ المتابَعَةُ أو عدمُ العِلْمِ بالمنافَاةِ؟ يعني: هل يُشْتَرَطُ أن نعْلَمَ أن هذا العملَ فيه متابَعَةٌ وأنه مشروعٌ أو يُشْتَرَطُ ألا نَعْلَمَ أنه غيرُ مَشْرُوعٍ؟

<<  <   >  >>