للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوَّلُ يَقِينًا، يعني يُشْتَرَطُ أن نعْلَمَ أن هذا العملَ فيه متَابَعَةٌ وأنه مشروعٌ؛ لأنه ينْبَنِي على هذا لو أن إنْسَانًا تعَبَّدَ بعملٍ وقلنا له: لماذا تَتَعَبَّدُ بهذا؟ قال: أريدُ دَليلًا على أنه غيرُ مَشروع، قلنا: ليس عِنْدَنَا دَلِيلٌ ينُصُّ على أن هذا العمل ليس بمَشْرُوعِ؛ فهل لنا سُلطَةٌ على مَنْعِهِ؟

الجواب: نعم؛ لأنه يُشتَرطُ أن نعْلَمَ أنه مشروعٌ لتَتَحَقَّقُ المتابعَةُ، فالمقامات ثلاثة:

تارةً نعلمُ أنه غير مشروعٌ كالنَّهْي عن صومِ العِيدَيْن، وما أشبه ذلك (١).

وتارة نَعْلمُ أنه مَشْرُوعٌ كصومِ يوم الاثنين (٢).

وتارة لا نَعْلَمُ أنه مشروعٌ أو غيرُ مشروعٍ، مثل لو قال قائل: ائتوني بدليلٍ على اتخاذ ليلة ولادَةِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عِيدًا ليس بمشروع، أو قال: ائتوني بدَليلٍ على أن مَنْ لازَمَ ثلاثةَ آلاف تَسْبِيحة في اليوم وجَعَلَها سُنَّةً راتِبَةً؛ أن عَمَلَهُ غيرُ مَشْرُوعٍ؟

نقولُ: الدَّليلُ على الفاعِلِ؛ لأن الأصلَ في العباداتِ المنعُ حتى يقومَ دليلٌ على المشْروعِيَّةِ.

لو قال قائل: ورَدَ في الحديثِ: "مَنْ سَنَّ فِي الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا


(١) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب صوم يوم الفطر، رقم (١٨٨٩)؛ ومسلم: كتاب الصيام، باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى، رقم (١١٣٧) عن عمر بن الخطاب، ولفظ مسلم: "إن هذين يومان نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن صيامهما، يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم".
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس، رقم (١١٦٢) عن أبِي قتادة الأنصاري، ولفظه: وسئل عن صوم الاثنين؟ قال: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ- فِيهِ".

<<  <   >  >>