الفَائِدةُ الثَّانِية: أن المتَعَنِّتَ مكابِرٌ لإنكارِه ما هو ظاهِرٌ، فإنهم قالوا:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ}، مع أنهم قد جاءَتُهْمُ الآياتُ، والنَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وغيرهُ مِنَ الأنبياءِ ما أُرْسِلُوا إلا بالآيات التي يُؤمِنُ على مِثْلِهَا البَشَرُ.
الفَائِدةُ الرَّابِعةُ: إقرارُ المشركين بعُلُوِّ اللَّه جَلَّ وَعَلَا، لقولِهِ:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ}، فيكون اعتقادُ المشْرِكينَ في اللَّه من حيثُ العُلُوِّ أَكْمَلُ من اعتقادِ المعْتَزِلَةِ والجَهْمِيَّةِ والأشَاعِرَةِ؛ لأن هؤلاء يُنْكِرُونَ عُلُوَّ اللَّهِ الذَّاتِيِّ ويقولون: إنَّ اللَّه لا داخلَ العالم ولا خَارِجَهُ، ولا مُتَّصِلٌ ولا مُبَايِنٌ.
الفَائِدةُ الخامِسة: أن الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَشَرٌ لا يَمْلِكُ لنفْسِهِ نَفْعًا ولا ضَرًّا، لقوله:{إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ}.
الفائِدَتانِ السَّادسةُ والسابِعَةُ: أن إضافَةَ الأمورِ إلى اللَّه تَقْطَعُ الحُجَجَ، لقوله:{إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ}، ويتَفَرَّعُ على هذه الفَائِدة أن الأحكامَ الشَّرْعِيَّةَ إذا سُئلِنا عن الحِكْمَةِ من كون كذا، كذا وكذا، نقول: هذا من عِندِ اللَّه، هذا حُكْمُ اللَّه، وهذا كافٍ لكلِّ مؤمنٍ، لقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب: ٣٦].