للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى العَامِّي وتقول: ما دليلُ الإرادة عقلًا؟ ما أَدْرَكَ هذا, ولو تقول له: إنزالُ المطرِ بعدَ الجدْبِ حتى تَخْصِبَ الأرضُ، ورِزْقُ اللَّه المال للفقيرِ فيُصْبِحُ غَنِيًّا بعد الفقر؛ على ماذا يدل؟ لأجاب العامي: يدلُّ على أن اللَّه رَحِيمٌ، فدلالَةُ الواقع الذي لا يُحْصَى مِن نِعِمَ اللَّه على رَحمةِ اللَّه أبلغُ من دَلالة التَّخْصِيص على الإرادة، ومع ذلك يَزْعُمونَ أنهم أهلُ العقلِ.

وأما قولهم: إن الرحمةَ معناها اللِّينُ والرِّقَّةُ، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى منزه عن ذلك.

فالجواب عن هذا مِنْ ثلاثَةِ أوْجُهٍ:

الوجهُ الأولُ: نقول: هذا لازِمٌ؛ لكن في رَحْمَةِ المخلوقِ ورَحْمَةُ الخالق غيرُ رَحْمَةِ المخلوقِ.

الوجه الثاني: أن الرِّقَّةَ واللِّينَ ثابِتَةٌ للَّه عَزَّ وَجَلَّ، واللِّينُ للغَيْرِ لإيصالِ الإحسانِ إليه ليس بصِفَةِ نَقْصٍ.

الوجه الثالثُ: أن الرَّحْمَةَ ليست هي الرِّقَّةُ واللِّينُ، فقد يَرْحَمُ الملِكُ فَقِيرًا من أفرادِ رَعِيَّتِهِ ويعْطِفُ عليه وهو باقٍ على عِزَّتِهِ ومُلْكِهِ، ولا ينْحَطُّ عنْ رُتْبَةِ القُوَّةِ والحَزْمِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: حِكْمَةُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في إنزالِ المطَرِ منَ السماءِ.

الفَائِدةُ الثَّانِية: أنه لا يَقْدِرُ على إنزالِ المطرِ منَ السماء إلا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

الفَائِدةُ الثَّالِثةُ: عَجْزُ هؤلاء الذين أعْطاهُم اللَّه تعالى مِنَ الصَّنائعِ أن يُنْزلُوا المطرَ منَ السماء؛ لأن هذا خاصٌّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

<<  <   >  >>