قوله: [{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} عَاقِبَةَ ذَلكَ]: يقول النحويون: إنها تُفِيدُ التوكيدَ بمُهْلَةٍ فهي حرف تَسْويفٍ عندهم بخلافِ السِّينِ؛ لأنها تُفِيدُ التَّحْقِيقَ بقُرْبٍ.
وقوله:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} الجملة خبَرِيَّةٌ ويرادُ بها التَّهديدُ، كقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة التكاثر: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: ٣ - ٤]، وقال تعالى في سورةِ النَّبأ: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النبأ: ٤ - ٥]، أي: العذابَ -والعياذ باللَّه- نازِلٌ بهم لا مَحَالَةَ.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفَائِدةُ الأُولَى: تهديدُ أهلِ الكفْرِ والتَّمَتُّعِ المحرَّمِ؛ لأن الأمرَ هنا للتهديدِ، إذ لا يأمُرُ اللَّهُ أحدًا أن يَكْفُرَ ولا أن يتَمَتَّع تمتعًا محَرَّمًا.
الفَائِدةُ الثَّانِية: أن هؤلاءِ المشركينَ صارتْ عاقِبَةُ أمرِهم إلى الكفرِ والتمَتُّعِ الزائلِ، هذا على قراءةِ الكسْرِ، أي: أن اللام لَلعَاقِبَةِ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: الحذَرُ الشديدُ مما عليه بعضُ المسْلِمينَ اليوم، الذين ليس لهم هَمٌّ إلا التمتُّعُ بالدنيا فقط، فهؤلاء لا يتَحَدَّثُونَ إلى على الرَّفَاهِيَةِ والتَّرْفِيهِ، لكن أمراضَ القلوبِ وعِلَلَ وانحرافاتِ القُلوبِ قَلَّ أن يتكَلَّمُوا عليها مع أنها هي الأصلُ فإذا مَرِضَتْ القلوبُ فما الفَائِدةُ من تَرْفِيهِ الأبدانِ، ثم إن نَزَلَتْ نِقْمَةٌ مِنَ اللَّه ازْدَادُوا حَسْرةً والعياذُ باللَّه، فترْ فِيهِ القُلوبِ بطاعَةِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي فيه الفَائِدةُ الحَقِيقِيَّةُ للبدنِ وللقَلْبِ ولكِلِّ شيءٍ، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل: ٩٧].