للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٨)]

* * *

* قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: ٨].

* * *

لما ذَكَر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مجُملَ ما تَوعَّد به المخالفينَ وما وَعَد به الموافِقِينَ، قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}.

الوَصيَّةُ معناها: العَهدُ بالشَّيءِ المهِمِّ، فمَعْنى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ} هو أي: عَهِدْنَا إليه بأمْرٍ مُهِمٍّ ليقومَ بِهِ، وقوله: {بِوَالِدَيْهِ} أي: أُمه وأَبيه، وقوله: {حُسْنًا} مَفْعولٌ لـ (وصينا)، ويُحتَمَلُ احتمالًا قَويًّا أن {حُسْنًا} منصوبٌ بنَزْعِ الخافِضِ، أي: عَهدنَا إليه بحُسْنٍ، أي: بإحسانٍ إليهما، ولا حاجَةَ إلى قولِ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [أَيْ: إِيصَاءً ذَا حُسْنٍ]، بل إنَّ المُوصَى به هو نفْس الحُسْنِ، وليس الحُسن هنا وصْفًا للإيصاءِ، بل هو وصْفٌ للمُوصَى به.

والمؤلِّف رَحِمَهُ اللَّهُ يريدُ من هذا التَّقدِيرِ أن يكونَ الحُسْن وصْفًا لإيصاءِ اللَّهِ، ومعنى هذا أن يكونَ {حُسْنًا} وَصْفًا لمحذوفٍ، والتَّقْدِيرُ: إيصاءً حُسْنًا، وحُسْنٌ مصْدَرٌ، وإذا كانت مَصْدرًا فإنه يجبُ أن يُقَدَّرَ لها مُضافٌ وهو: ذا حُسْن؛ هكذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ.

والصَّوابُ: أنه وصْفٌ للمُوصَى به، أي: وصَّيناه بأمرٍ ذِي إحسانٍ، كما قال

<<  <   >  >>