قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} بيَّن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فيما سبَقَ أن الَّذينَ آمنُوا وعمِلوا الصالحات يكفِّر اللَّهُ عنهم سيِّئاتهِمْ ويَجزِيهِمْ أحسنَ الذي كانوا يعْملُون، وذَكَر هنا جَزاءً آخر: وهو أنه يُدخِلُهم في الصَّالحينَ فيُحشَرُون معهم، و (اللام) في قولِهِ: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ} موطئةٌ للقَسَمِ، و (النون) للتَّوكيدِ، فالجملة مُؤَكِّدَاتٍ بثلاثَة مؤكِّدَاتٍ كما تقدم.
قولُهُ:{لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} هم صالحونَ، ولكنَّ المرادَ بالصَّالحينَ الذين سبَقُوهم ودَلُّوهم إلى الخَيرِ، وهمُ الأنبياءُ، والأنبياءُ بلا شكٍّ مِنَ الصَّالحينَ، فقد كان الأنبياءُ عَلَيْهِم السَّلَامُ يُقَابِلُون النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في المعراجِ ويَقولون:"مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ"(١)، فوصَفُوهُ بالصَّلاحِ، وكذلك أيضًا في سُورَةِ الأَنْبياءِ قَالَ:{وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}[الأنبياء: ٨٦]، ولا شَكَّ أنَّ أخصَّ الناسِ بوصفِ الصَّلاحِ هُم الأنبياءِ؛ لأنهم صالحُونَ مُصْلِحون عَلَيْهِم السَّلَامُ.
(١) أخرجه البخاري: كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء؟ رقم (٣٤٢)؛ ومسلم: كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى السموات وفرض الصلوات، رقم (١٦٤).