قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[وَالْأَوْلِياءُ] فيه نَظَرٌ؛ لأنَّ الذِينَ آمنُوا وعَمِلوا الصالحاتِ هُمُ الأولياءُ، قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}[البقرة: ٢٥٧]، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[يونس: ٦٢]، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: ٥٥]، فعَلَى هذا يكونُ إدخالهُم في الصَّالحينِ كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّهم يومَ القيامَةِ يُحْشرُون مع الأنبياء، وليس معْناهُ أنهم يُلْحقُون بدَرَجتِهم، فالأنْبياءُ أعْلى منْهم، قال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء: ٦٩]، والنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ معه اللِّوَاءُ يُحشَرُ في زُمْرتِهِ كُلُّ من آمَنَ بِهِ.
لو قال قائِلٌ: إن قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}[النساء: ٦٩]، يؤيدُ قَولَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أن المرادَ بالصَّالحينَ الأولياءُ والأنبياءُ؟
الجواب: هذه الآيةُ لا تُؤيِّد قولَ المُفَسِّر، بل قولُه فيه نَظرٌ كما سبق؛ لأن هؤلاء المذكورينِ هُمْ أولياءُ، ولم يَذْكرِ اللَّهُ تعالى في هذه الآيةِ أربعةَ أصنافٍ، بل ذَكَر صِنْفًا واحدًا فقط وهم الصَّالحونَ؛ أي: الأنبياءُ وإن كانَتِ الأصنافُ أربعةٌ، أعنِي: أصنَافَ الَّذينَ أنْعمَ اللَّه عليهم وهُمُ النَّبِيُّونَ، ويدخلُ فيهمُ الرُّسُلُ والصِّدِّيقونَ والشُّهداءُ والصَّالحونَ، والصَّالحونَ عامٌّ يشْمَلُ عُمومَ المؤمنينَ، لكِنِ اعلْمَ أن كُلَّ صالحٍ فهو وَلِيٌّ؛ لأن الولايَةَ أَعَمُّ، حتى الأنبياءُ مِنَ الأولياءِ بالمعْنَى العام.