للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنها مفْعولٌ به، والمفعولُ به لا بُدَّ أن يكونَ شيئًا يُرى حتى يقَعَ عليه الفِعل، والقولُ لا يرى فيكونُ (قُلتُ قولًا) مجازًا.

ويصْرفونَ الكلام ويقولون: كُلُّه مجازٌ، وليس في اللُّغة العربية شيءٌ حَقِيقِيٌّ -نعوذ باللَّه- هذه مبالغة.

فالصوابُ في هذه المسألة ما اخْتارَهُ شيخُ الإسلامِ ابنِ تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ، وأن الكلماتِ ليست لها معنى ذاتِيٍّ خُلِقتْ له، بل لا يتَحَدَّدُ معناها إلَّا بالسِّياقِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفَائِدةُ الأُولَى: أن اللَّه أجابَ دُعاءَ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لقولِ الرُّسلِ: {قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}.

الفَائِدةُ الثَّانِيةُ: إثباتُ أن مِنَ الملائكةِ رُسلًا، لقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ}، وفي القُرآنِ في سُورَةِ فاطِرٍ: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر: ١].

وهل المرادُ أن كلَّ مَلَكٍ فهو رَسولٌ أو أن منهم رسلًا؟

الظاهرُ الثَّاني؛ لأن مِنَ الملائكَةِ من هو قائمٌ راكِعٌ للَّهِ ساجِدٌ، ومنهم من يُرسِلُهُم اللَّه.

الفَائِدةُ الثَّالِثة: أن الرَّسولَ يُطلَقُ على البشَرِ والمَلَكِ، بخلافِ النَّبِيِّ فإنه لا يُطلقُ إلا على البَشَرِ، فيكونُ الرَّسولُ أعَمُّ من حيثُ متَعَلَّقِهِ، يعني يكون للبشَرِ والملائِكَةِ، وفي القرآن الكريم قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير: ١٩ - ٢٠]، وفي الآية الثانية قال عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} [الحاقة: ٤٠ - ٤١]، فالرَّسُولُ في الآيةِ الأُولَى في سُورَةِ التَّكوير

<<  <   >  >>