للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في المفهوم العُرْفيِّ فهي اسم البلد الصَّغِير، ولذلك في عُرفِنَا الآن يقال: المدينة وما يتبعها من القرى.

قوله: {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}، أَخْبرُوا وعلَّلُوا، فأخبروا بقولهم: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}، وعلَّلُوا هذا الإهلاكَ بقولهم: {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}.

قَال المُفَسِّر: [{ظَالِمِينَ} كَافِرينَ]: فالظُّلمُ هنا المرادُ به الكُفْرُ، والظُّلْمُ تارةً يُرادُ به الكُفر كما في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٤٥]، وتارةً يُرادُ بالظُّلمِ ما دُونَ الكُفْر كما في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} [آل عمران: ١٣٥]، فالآيةُ في سِياقِ صِفَةِ المؤمنينَ المتَّقِينَ، ولهذا يُشْكِلُ على بعضِ الناس إنكارُ شيخِ الإسلامِ وتلميذ ابنِ القيم -رحمهما اللَّه- المجاز في اللُّغة العربية، وقالوا: هذا غيرُ معْقولٍ؛ لأن اللغة العربية مملوءةً بالمجازِ، لكن من تَدَبَّرَ أن الألفاظَ لا يتَحَدَّدُ معناها إلا بالسِّياقِ عَرَفَ وجْه كلامِ شيخِ الإسلام (١).

والناسُ في هذه المسألة على ثلاثَةِ أقوالٍ:

القولُ الأولُ: لا يُوجدُ مجازٌ في اللُّغةِ العربية أبدًا.

القولُ الثاني: يوجدُ مجازٌ في اللُّغةِ العَربيَّةِ لكنْ لا مجازَ في القُرآنِ خاصة.

القولُ الثالثُ: يُوجَدُ مجازٌ في القُرآنِ وفي اللُّغةِ العَربِيَّةِ، حتى إن بعضَ عُلماءِ اللُّغةِ قال: إن كُلَّ اللُّغةِ مجازٌ، فإنك إذا قلت: (قُلتُ قولًا)، فإن قَولًا نُعْرِبُها على


(١) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٦٠).

<<  <   >  >>