للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٤٦)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: ٤٦].

* * *

قوله: {وَلَا تُجَادِلُوا} الخطابُ للأمَّةِ جَميعًا، وهو نَهْي، وقوله: {تُجَادِلُوا} المجادَلَةُ: هي مُنَازَعَةُ الخَصمِ لأمرين: للظُّهورِ عليه، وإبطالِ حُجَّتِهِ، مأخوذةٌ من فَتْلِ الرأسِ، وفَتْلِ الحبْلِ؛ لأن الجدَلَ هو فَتْلُ الحبْلِ، والمقصودُ به إحكَامُهُ وتَقْوِيَتُهُ، كأن المنَازَع يريدُ أن يُقَوِّيَ حُجَّتَهُ على خَصْمِهِ، وفي اللغة العامِّيَّةِ نَسَمِّي قرون المرأة (جدايل) لأنها تَفْتِلُها وتُقَوِّيها.

قوله: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ} يعني: الذين أُوتُوهُ، وأهلُ الشيءِ هم من أُوتُوا الشيءَ وإن لم يَعْمَلُوا به، ويُرادُ به من أُوتِيَ الشيءَ وعَمِل به، ومحلُّ الثَّناءِ الثاني، فأهلُ القرآنِ حقًّا هم الذين حَفِظُوه تِلاوَةً وعَمِلُوا به، وكذلك الذين حَفِظُوه ولم يَعْمَلُوا به هم أهلُ القرآنِ لكن ليسُوا أهلَه حقًّا، ومَحِلُّ الثناءِ والمدْحِ مَنْ كان مِنْ أهله تِلاوَةً وعَمَلًا.

وقوله: {أَهْلَ الْكِتَابِ} المرادُ بالكتابِ هُنا للجِنْسِ، وإلا فهما كتابان: التوراةُ لليهودِ والإنْجِيلُ للنَّصارَى.

<<  <   >  >>