وقوله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} أي: بَذَلُوا الجَهْدَ للوصولِ إلى الغايةِ، هذا هو الجهادُ: بَذْلُ الجَهْدِ للوصولِ إلى الغايةِ.
وقوله: [{فِينَا} فِي حَقِّنَا]: أي: في دِينِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وفيما يجِبُ له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفي بيانِ شَريعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وفي الأمرِ بالمعْرُوفِ والنهْي عن المنْكَرِ، وفي كفِّ النفْس عما يحْرُمُ وإلزامُها بما يَجِبُ، وفي قتالِ الكفَّارِ لإعلاءِ كلَمِةِ اللَّه، فالآية عامَّةٌ؛ كل هذا مِنَ الجهادِ في اللَّه، فكُلُّ مَنْ بذلَ وجاهَدَ في اللَّه فإن جزاءَهُ العاجلُ قبل الآجل:{لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} هدايةَ دِلالَةٍ وهِدَايَة تَوفيقٍ.
فالهدايةُ هنا شامِلَةٌ للأمْرَيْنِ، ولهذا قال عَزَّ وَجَلَّ:{لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ولم يَقُلْ: (لنهْدِينَّهُم إلى) بل قال: {سُبُلَنَا}، فعَدَّى الهِدايةَ بنَفْسِها إلى المفعولِ الثَّانِي.