للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٠)]

* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} [العنكبوت: ٣٠].

* * *

قوله: {رَبِّ} مُنادَى، وحُذِفَتْ ياءُ النِّداءِ تَخْفِيفًا، وللبَدَاءةِ بـ (باسم اللَّه) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي منصوبَةٌ لأنها منَادَى مَضَافٌ، فأصلُها (ربي) ولهذا كُسِرَتِ الباءُ للدَّلالَةِ على الياءِ المحْذوفَةِ.

قوله: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي} اعلَمْ أن مادَةَ (نَصَرَ) تتَعَدَّى أحيانًا بـ (مِنْ) وأحيانًا تتعَدَّى بـ (على)، فإن تَعَدَّتْ بـ (مِنْ) فمعناها: المنْعُ والإنْجاءُ، كما في قوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [الأنبياء: ٧٧]، أي: منَعْنَاهُ، وإن تَعَدَّتْ بـ (على) كان مَعْناهُ: الظُّهورُ والغَلَبَةُ.

وأحيانًا لا تَتَعَّدَى بـ (من) ولا بـ (على) فتَشْمَلُ المعْنَيْينِ، كما في قولِهِ تعالى: {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ} [الصافات: ١١٦]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: ١٧١ - ١٧٣]، وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١]، وأمثلتُها كَثِيرة.

وأما قوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ} [محمد: ٧]، الظاهر أنه يَشْمَلُ الأنواعَ الثلاثةَ إن تَنْصُروا اللَّه يعنِي: تَمنَعُوا دِينَهُ مِنَ الاعتداءِ عليه، وكذلك تَنْصُروه بمحاولةِ إعلاءِ

<<  <   >  >>