قوله:{رَبِّ} مُنادَى، وحُذِفَتْ ياءُ النِّداءِ تَخْفِيفًا، وللبَدَاءةِ بـ (باسم اللَّه) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهي منصوبَةٌ لأنها منَادَى مَضَافٌ، فأصلُها (ربي) ولهذا كُسِرَتِ الباءُ للدَّلالَةِ على الياءِ المحْذوفَةِ.
قوله:{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي} اعلَمْ أن مادَةَ (نَصَرَ) تتَعَدَّى أحيانًا بـ (مِنْ) وأحيانًا تتعَدَّى بـ (على)، فإن تَعَدَّتْ بـ (مِنْ) فمعناها: المنْعُ والإنْجاءُ، كما في قوله تعالى:{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}[الأنبياء: ٧٧]، أي: منَعْنَاهُ، وإن تَعَدَّتْ بـ (على) كان مَعْناهُ: الظُّهورُ والغَلَبَةُ.
وأحيانًا لا تَتَعَّدَى بـ (من) ولا بـ (على) فتَشْمَلُ المعْنَيْينِ، كما في قولِهِ تعالى:{وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ}[الصافات: ١١٦]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: ١٧١ - ١٧٣]، وقال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١]، وأمثلتُها كَثِيرة.
وأما قوله تعالى:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ}[محمد: ٧]، الظاهر أنه يَشْمَلُ الأنواعَ الثلاثةَ إن تَنْصُروا اللَّه يعنِي: تَمنَعُوا دِينَهُ مِنَ الاعتداءِ عليه، وكذلك تَنْصُروه بمحاولةِ إعلاءِ