ولو قيلَ: ما حكمُ مَنْ كان يقْرأُ القرآنَ وأخطأَ، لكنه أصابَ قراءةً سبْعِيَّةً صحيحةً؟
فالجواب: إذا كان عَامِّيًا نَرُدُّ عليه ويؤمَرُ بأن يقْرَأ بالقِراءةِ المعْرُوفَةِ، وإلا فلا يُخَطَّأُ ولا يُصوَّب، بل نسْتَفْسِرُ: هل قَصْدَتَ هذه القراءة أو قرأتَ خَطَأ؟
إذا قال: إنا لم أقْصِدْ إلا القِراءةَ المعروفةَ، نقول: أنتَ مُخْطِئٌ ثم نَنْصَحُهُ ألا يَتْلُوَ القرآنَ بقراءةٍ غيرِ مَشْهُورَةٍ عندَ العامَّةِ؛ لأن قراءةَ القرآنِ بغير القِرَاءةِ المشهورةِ عندَ العامَّةِ تُحْدِثُ فِتْنة للعامَّةِ؛ لأن العامِّيَّ لا يَسْتَنِكُرُ، ثم يُغادِرُ وقد ينَخْفِضُ قدْرَ المصحَفِ في نَظَرِهِ، حتى الأشرطةِ التي فيها قِراءاتٍ ويَسْمَعُهَا العامَّة نرَى أنه مِنَ الخطأ أن تَنْتَشِرَ بينَهُم، أما إذا كانَ عندَ طلبَةِ عِلْمٍ حيثُ يُعَلِّمُهُم القراءاتُ فهذا لا بأس به؛ لأن السُّنَّةَ أن نَتْلُوَ القُرآنَ بكلِّ قراءةٍ ورَدَتْ، مثلَ غيرِهِ مِنَ العباداتِ التي جاءتْ على وُجوهٍ متَنَوِّعَةٍ، فإن الأفضلَ أن نأخُذَ بهذا الوَجْهِ مرَّةً وبهذا الوجه مرة؛ لأن كلَّ القِراءاتِ وردت عن النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
مسألة: هل كُلُّ القِراءاتِ السَّبْعِ متَواتِرَةٌ، وما رأيكُمْ في أسانِيدِ هذه القِراءات؟
القراءاتُ السبْعُ كلُّها متَواتِرَةٌ بالإجماع، وأما إذا كانت القِراءةُ آحادًا فاختلفَ العلماءُ في جوازِ القِراءةِ بها، وتَقَدَّمَ أن الرَّاجِحَ أنه إذا صَحَّتْ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فهي قراءةٌ مُعْتَبَرةٌ.
أما هذه الأسانيد -أعني أسانيد القراءات- فإنها متواتِرَةٌ، والتواترُ يُغْنِي عن الأسانيدِ، كما لو قال لك أحدٌ: أين الدليل على أن هناك بلدًا تُسَمَّى واشَنِطن؟ لا تقول له: حدثني فلان عن فلان؛ لأن هذا متواتر.