للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خِلافًا لمن قال: إنها ليست بحُجَّةٍ.

وهؤلاء الذين قَالُوا: إنَّ السُّنَّةَ ليست بحُجَّةٍ، قد أخْبَرَ عنهم النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "لَا أَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيقُولُ: لَا نَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ" (١)، هذا الأمرُ وَقَعَ، ويُوجَدُ الآن أناسٌ -والعياذ باللَّه- يقولون: لا نَقْبَلُ ما في السُّنَّةِ إطْلاقًا، والذين لا يَقْبَلُون ما في السُّنَّةِ هم في الحقيقة كافِرُون بالقرآنِ نصًا؛ لأن القرآنَ يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: ٣٦]، فبيَّنَ أن مَعْصِيَةَ الرسولِ معصيةٌ للَّهِ، ولو كان المرادُ مَعْصِيَةَ الرسولِ فيما أمَرَ اللَّه به لم يكُنْ لذِكْرِ الرَّسُولِ فائدة.

ثم إنَّ اللَّه تعالى يقولُ: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]، القرآنُ لم يُبَيِّنْ كلَّ شيءٍ تَفْصيلًا، بل أكثرُ التَّفْصِيلاتِ موجودةٌ في السُّنَّةِ.

إذن: تِبيانُ السُّنَّةِ من تِبيانِ القُرآنِ، والأدِلَّةُ في هذا وللَّه الحمدُ كثيرةٌ.

والغريبُ أنه ظَهَرَ في أمريكا أحدُ الخُبثاءِ -والعياذ باللَّه-، رَجُلٌ أصلُهُ مسلم يقال له، يعْمَلُ مُدَرِّسًا في إحْدَى الكلِّيات، يدَّعِي أنه أحدُ العلماءِ الرَّاسِخِينَ في العِلْمِ، هذا الرجلُ صارَ يجمع أموالًا، وألَّفَ طائفةً سمَّاها (طائفة الكِتاب)، وأخذ يدْعو إلى القُرآنِ وتَعْظِيمِ القرآن، والعملِ بالقرآنِ، ويُنْكِرُ السُّنَّةَ إنكارًا عظيمًا -والعياذ باللَّه-، ويقول: ما هؤلاء الذين يَعْمَلُونَ بالسُّنَّةِ إلا قومٌ مجانين مغَفَّلون هَمَج، ليس


(١) أخرجه أبو داود: كتاب السنة، باب في لزوم السنة، رقم (٤٦٠٥)؛ والترمذي: كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (٢٦٦٣)؛ وابن ماجه: افتتاح الكتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب تعظيم حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والتغليظ على من عارضه، رقم (١٣) عن أبي رافع.

<<  <   >  >>