أن نقول:{إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[فصلت: ٣٩]، على الإطلاق.
فإذا قال قائل: ألا يَنتقِضُ علينا هذا بقوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}[الشورى: ٢٩].
قلنا: المشيئةُ هُنا عائدةٌ على الجمعِ لا على القُدْرَةِ، والمعنى: أنه إذا شاءَ أن يجمَعَهم جمَعهم بدون عَجْزٍ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا تنافي ما تقَدَّم ذِكْرُهُ.
ويقولون: إن الشيطان جمعَ جنودَهُ، أو هم اجتَمَعوا إليه فقالوا له: إنك تَفْرَحُ بموت العالمِ ولا تفْرحُ بموت العابِدِ، فقال لهم: نعم؛ لأن العابدَ إذا ماتَ يموتُ عن نَفْسِهِ لكنَّ العالِم إذا مات يموتُ عن عالَمٍ، وإذا بقي يُفْسِدُ علينَا الأمور.
ومراده بالعلماءِ العُلماءِ الحقِيقِيُّونَ الذين يعمَلُونَ ويَدْعُونَ.
ثم قال الشيطان لجنوده: أذهَبُ أنا وأنتم إلى عالمٍ نَسألُه وإلى عابِدٍ.
فذهبوا إلى العابَدِ فقالوا له: هل يَقْدِرُ اللَّهُ أن يخلُقَ مثلَ نَفْسِهِ؟
قال: نعم.
قالوا: ما الدليل؟
قال: لأنَّ اللَّه على كُلِّ شيءٍ قَديرٍ.
فهذا الرجل كَفَرَ؛ لأن أي إنسان يعتقدُ هذا الاعتقادَ فهو كافِرٌ، وهو اعتقادٌ غيرُ صحيحٍ وفاسد، ولا يمكن، لو لم يكن مِنَ الفَرقِ -والفرق عظيم جدًا- إلا أن هذا الإله لو قُدِّرَ فهو مخلُوقٌ، والإلهُ الحقُّ غيرُ مخلوق.
ثم جاؤوا إلى العالِم وقالوا له: هلْ يَقْدِرُ اللَّه أن يضَعَ السمواتِ والأرض في بَيضَةٍ واحِدةٍ؟