للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجهْمِيَّةُ عندهم ثلاثةُ جِيماتٌ، أعاذَنا اللَّهُ من هذه الجيماتِ، والاستِعاذَةُ ليس من كل جِيمٍ لأننا نتعوذُ باللَّهِ مِنَ الشيطانِ الرَّجيم، وهذه الجيمات هي: جيم جَبْرٍ وإرجاءٍ وتَجَهُّمٍ، يقولُ ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ (١):

جَبرٌ وإِرْجَاءٌ وَجِيمُ تَجَهُّمٍ ... . . . . . . . . . . . . . . .

فهؤلاء الطوائفُ يقولونَ: لا تُوجدُ أسبابٌ مؤَثِّرَةٌ، حتى إنك إذا رَمَيْتَ بالحجَرِ على الزجاجة فانكْسَرَتْ قالوا: لم يَكْسِرْها الحجَرُ، بل انكْسَرَتْ عنده لا به، وعندما تَضَعُ ورَقَةً في النَّارِ وتحترق يقولون: النارُ لم تَحْرِقْهَا.

ونقول لهم: لو أَتَيْنَا بالحجَرِ ووَضَعْنَاه عندَ الزُّجاجةِ هل تنْكَسِرُ؟ فكلامهُمْ لا يُعْقَلُ، وتصورُهُ كافٍ في رَدِّهِ؛ لكن هم يُرِيدُون أن يتَوَصَّلُوا إلى شيءٍ من وراءِ ذلك وهو: أن الإنسانَ مُجْبرٌ على العمل، فإذا عذَّبَهُ اللَّه تعالى وهو عاصٍ فإن تَعْذِيبَهُ إياه ليس بحُجَّةٍ؛ لأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد يُعَذِّبُ بدونِ سببٍ، والأسبابُ عندهم غيرُ فاعلةٍ، ونحن نوافِقُهُم أنها غيرُ فاعلة بنفسها، بدليلِ أن النَّارَ المُحْرِقَةَ صارتْ على إبراهيم برْدًا وسلامًا، لكن نقول: هي فاعِلَةٌ بتَقْدِيرِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الذي جَعلها تَحْرِقُ فأحرَقَتْ.

* * *


(١) القصيدة النونية (ص: ١٦٦).

<<  <   >  >>