جهازُ تَسجِيلٍ، فالعِلْمُ أن تُدركَ أن الذي أمامَك جهازُ تَسجيلٍ.
الجهْلُ البسيط: يقال لك: ما هذا الَّذِي أمَامَكَ؟ تقولُ: لا أَدْرِي.
الجهْلُ المرَكَّبُ: يقال لك: ما هذا الَّذِي أمَامَكَ؟ تقول: هذه أُلْعُوبَةُ أطفالٍ، هذا جهْلٌ مُرَكَّبٌ من جهلِكَ بحقيقةِ الحالِ ومن جَهْلِكَ بحالِكَ؛ حيث ظَننتَ أنك عَالمٌ وأنت جاهلٌ.
الشكُّ: يقال لك: ما هذا الذي أمَامَكَ؟ تقول: إما جهازُ تَسجيلٍ أو رادَيو؛ لأن أحدَ الاحتمالين صحيحٌ، فمَعَ التَّسَاوي يكونُ شَكًّا.
وإذا رجَّحتَ أنه جهازُ تَسجيلٍ فهو ظَنٌّ، والمرجوح يكونُ وَهْمًا.
وكل هذه الأشياء منَتْفَيِةٌ عن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ما عدا العِلْم فإنَّه ثابِتٌ للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على كلَ وَجْهٍ.
لكن لو قال قائلٌ: هذا الجزم بأن هذه الأمور منتفِيَةٌ عنِ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ما عدَا العِلْم، يَرُدُّه قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسي:"وَمَا ترَدَّدْتُ في شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ ترَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"(١)، فأثبتَ أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يتَرَدَّدُ في بعضِ أفعَالِهِ؟
والجوابُ: أن التَّرَدُّدَ قِسْمانِ:
الأولُ: ترَدُّدٌ لتَوَقُّفِ المتَرَدِّدِ في الأمرِ هلْ يكونُ خَيْرًا أو لَا، وهذا بالنِّسْبَةِ إلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ممْتَنِعٌ؛ لأن اللَّه تعالى يَعْلَمُ.