للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدعاءُ يَستَلزِمُ الرَّحمةَ أيضًا؛ لأن مَنْ لا يَرْحم لا يُدْعَى بل يُخْشَى منه، ويستلْزِمُ كذلك الكرَمَ لأن مَنْ ليس بكريمٍ لا يؤمَّلُ فلا يُدْعى.

وإجابة الدُّعاءِ لا تستَلْزِمُ البصرَ؛ لأنك لو دَعَوْتَ أعْمَى أن يساعِدَكَ ساعدَكَ، لكن لو دَعَوْتَهُ لِيقَرَأَ لك كِتَابًا لم يُجِبْ، فالبَصَرُ ليس مِنْ لازمِ إجابَةِ الدُّعاءِ فقد تكون الإجابَةُ بدُونِ بصَرٍ، وكَذَلِكَ لا تَسْتَلْزِمُ إجابَةَ الدُّعاءِ القُرْبُ؛ صحيحٌ أن اللَّه ذَكَر أنه إذا دُعِيَ فهو قَريبٌ، ولولا أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أخبْرَنَا بأنه قَرِيبٌ ما أثْبَتْنَا قُربَهُ بمجرَّدِ أنه يُدْعَى، فالقُرْبُ ليس مِنْ لازمِ إجابَةِ الدُّعاءِ.

وكذلك القوةُ ليست مِنْ لازِمِ إجابَةِ الدُّعاءِ؛ لأن القُوَّة تكونُ في مقابَلَةِ الخَصْمِ، ومُرادُنَا ما يستَلْزِمُهُ الدُّعاءُ مُطْلقًا.

الفَائِدةُ الرَّابِعة: أن اللِّواطَ مِنَ الإفسادِ في الأرْضِ، لقولِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}.

الفَائِدةُ الخامِسَةُ: ظهورُ التبَرُّؤ منهم؛ لأنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ تَبَرَّأَ منهم، تؤخَذُ من قَولِهِ: {عَلَى الْقَوْمِ} ولم يقُلْ: (على قَوْمِي) مع أنه قالَ في الآياتِ السابِقَةِ: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ}، وقال تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} فأضافَهُمْ إليه، لكنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ يُضِيفُهُمْ إلى نَفْسِهِ، وهذا ظاهرٌ في التَبرُّؤِ منهم.

الفَائِدَة السَّادسَة: ينْبَغِي للدِّاعِي أن يبدأ بـ (باسم اللَّه) ويَحْذِفَ ياء النداء، ويجوزُ أن يقولَ: (يا رب)، بإثباتِ الياء كَمَا قال النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ" (١).


(١) أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، رقم (١٠١٥).

<<  <   >  >>