فالضابِطُ: إذا كانَ العملُ على خِلافِ شريعَةِ اللَّهِ فهو من تَزْيِينِ الشيطانِ، وإن كانَ مُوافِقًا لشريعة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فهو من هِدَايَةِ اللَّه وليس من تَزْيِينِ الشيطان.
الفَائِدةُ الخامِسة: الردُّ على الجبْرِيَّةِ في نسبةِ الأعمالِ إلى الخلْقِ، فإذا نُسِب العملَ إليهم فمعنى ذلك أنَّهُم فاعلُون حقِيقَة.
الفَائِدةُ السَّادسَة: أن الأعمالَ السَّيِّئة قد تكون سببًا لضلالِ العَبدِ؛ لقوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}، ولا ريب في ذلك، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}[المائدة: ١٣]، فالأعمالُ السيئةُ يَجُرُّ بَعْضُها بعضًا حتى يَعْمَى الإنسان -والعياذ باللَّه- عن الحقِّ بسببِ مَعْصِيَتِهِ.
الفَائِدةُ السَّابِعةُ: بشاعَةُ الصَدِّ عن سبيلِ اللَّه مع البَصِيرَةِ لقولِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرينَ}، فإن الجملةَ هنا حالِّيَةٌ على تقديرِ (قَدْ)، يعني: فصَدُّوهُمْ وقد كانوا مستَبْصِرينَ، والمسْتَبْصِرُ كان بصددِ أن لا يُصَدَّ لكن قوةَ السبب وضعفَ المانع هو الذي أوجب لهم ذلك -والعياذ باللَّه-.
الفَائِدةُ الثَّامِنة: أن المخاطب قد يحالُ على ما يَفْهَمُه ذِهْنُه مِن دَلالَة الخطاب لقوله: {الْسَّبِيِلِ}.
فلو قال قائل: في الآيةِ إبهامٌ في قولِهِ: {الْسَّبِيِلِ} لا نَدْرِي أيَّ سبيلٍ؟
قلنا: لا إبهامَ ما دامَ هناكَ شيءٌ معْهُودٌ للمُخاطَبِ؛ لأن (ال) في {الْسَّبِيِلِ} للعَهْدِ الذِّهْنِيِّ.