للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى بني إسرائيل، كما دَلَّ الدَّلِيلُ على أن شُعَيبًا أُرْسِلَ إلى قومِهِ وإلى أصحاب الأَيْكَةِ، ولهذا لم يأتِ التعبيرُ القرآنِيُّ بقولِهِ: {أَخَاهُمْ} كما عبَّر عن قومِهِ فهذا العمومُ مخصوصٌ.

وهذا جوابٌ ليسَ فِيه تَكَلَّفٌ.

الوجه الثاني: يُمْكِنُ أن نقولَ: الرسالةُ إلى فِرعونَ، ولا يُمكِنُ الوصول إلى بَنِي إسرائيلَ واستقلالِ الدَّعوةِ فيهِمْ وأن يَقُوموا بِوَاجِبِ الرِّسَالَةِ واتِّبَاعِ موسى إلا بعدَ أن يُسْلِمَ فِرعونُ، ولذلك ما كان لهم دَولة وسُلطة إلا بعدَ أن أهْلكَ اللَّه فِرعونَ فتكونُ رِسَالتُهُ إلى فرعونَ من بابِ الوَسائلِ إلى المقْصُودِ، وكلُّ الأقباطِ الذين كانوا تحتَ وِلايَةِ فِرعونَ دَاخِلُونَ في دَعْوةِ مُوسى؛ لأنه بالضَّرُورةِ إذا آمن فِرعونُ فسيؤمِنُون؛ لأنه له السَّيطَرةُ عليهم.

الفَائِدةُ الخامِسةُ: أن الرُّسُلَ مُؤَيَّدُونَ بالآياتِ البيِّناتِ لقولِهِ: {بِالْبَيِّنَاتِ}، وثبتَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قَالَ: "مَا مِنَ الأَنْبياءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ" (١).

الفَائِدةُ السَّادسَة: إثباتُ الرَّحمةِ والحِكمةِ في آياتِ الأنبِياءِ؛ لأنَّ الآياتِ التي مع الرُّسُلِ هي رَحمةٌ بالخَلْقِ، ولأجلِ أن تكونَ سَبَبًا لاهتِدَائهم، فالآياتُ وسيلَةٌ إلى الهِدَايةِ وحِكْمَةٌ لإقامَةِ الحُجَّةِ عليهم، حتى لا يقولَ قائلٌ: إن هذا الرسولَ ما آتَانَا بآيَةٍ فيُكَذِّبُوه.


(١) أخرجه البخاري: كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي وأول ما نزل، رقم (٤٦٩٦)؛ ومسلم: كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .، رقم (١٥٢)، عن أبي هريرة، واللفظ لمسلم: "ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر".

<<  <   >  >>