للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كونِ القرآنَ مُنزَلًا كما في قوله تعالى: {أُنْزِلَ إِلَيْنَا}؟

الجواب: الواجبُ أن يُقالَ: إنَّ القرآنَ صِفَةٌ من صِفاتِ اللَّه؛ لأن كلامَ اللَّه صِفَةٌ وليس عَيْنًا قائمًا بنفسه، ولا بُدَّ لكُلِّ صِفةٍ مِنْ مَوصوفٍ، وبهذا نعرف أن القرآنَ كلامُ اللَّهِ.

أما مسألةُ الإنزالِ فَهِي شُبْهَةٌ وليستْ حُجَّةً، وهي أن يحتَجَّ عليك الجهْمِيُّ بقول اللَّه تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦]، ومعلومٌ أن الأزواج الثمانية مخلوقةٌ، وسمَّاه اللَّهُ إنزالًا، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: ٢٥]، والحديدُ لا شكَّ أنه مخْلُوقٌ!

لكن هذا الإيرادُ نَنْفَكُّ منه بأن هذه أعيانٌ قائمةٌ بنَفْسِها، والأعيان القائمةُ بنفسها مخلُوقة بكلِّ حالٍ، فكلُّ ما سِوى اللَّهِ فإنه مخْلُوقٌ، ونُبْطِلُ الحجَّةَ بهذا.

الفَائِدةُ الْعاشِرَة: إثباتُ العُلُوِّ للَّه عَزَّ وَجَلَّ لقوله: {وَأُنْزِلَ}، والنزولُ لا يكونُ إلا مِنْ أعْلَى.

الفَائِدةُ الحَادِيةَ عشْرَةَ: أن أهلَ الكتابِ يُقِرُّونَ بألوهِيَّةِ اللَّهِ لقولِه: {وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ}.

الفَائِدةُ الثانيةَ عشرةَ: أن الإسلامَ إنما يكونُ للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَجْهُ ذلك: تقديمُ المعمولِ في قولِهِ: {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وتَقديمُ ماَ حقُّه التَّأخيرُ يفيدُ الحصرِ، قال اللَّه تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [البقرة: ١١٢].

* * *

<<  <   >  >>