الفَائِدةُ الثَّانِية: الإشارةُ إلى أن القرآنَ الكريمَ مكتوبٌ، لقوله:{أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ}، وقد ذكرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن القرآنَ مكتوبٌ في ثلاثَةِ مواضِعَ.
الفَائِدةُ الثَّالِثة: أن من أهلِ الكِتابِ مَنْ آمَنَ به فِعْلًا، لقولِهِ:{فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}، والمراد البعضُ مِثْلُ عبدِ اللَّهِ بن سلامٍ -رضي اللَّه عنه-.
الفَائِدةُ الرَّابِعة: الاستِشْهادُ بالغيرِ على صحَّةِ المدَّعَى به، يعني أن الإنسانَ يستَشْهِدُ بغير من خُصومِهِ كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}[الرعد: ٤٣]، وهذه الآية أيضًا {فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}، فيقالُ: ممن أُوتِيَ الكتابَ منكم أيها اليهودُ أو النصارى من آمَنَ بهذا القرآن، وهذه الحُجَّةُ مُفِيدَةٌ جدًّا عند المناظَرةِ؛ أن تحتَجَّ على الطائفة بقولِ بعضِ عُلمائها، ولهذا كان شيخُ الاسلامِ ابن تيمية يحتَجُّ على الفلاسفة وغيرهم بقولِ بعْض نُظَّارِهِمْ، واحتج على بطلانِ قولِ المتكلِّمِينَ بقولِ الرَّازِي وهو مِنْ أكابِرهِم (١):
والشاهدُ من مثل هذا: أن الرَّازِيَّ نَفْسُه هو الذي يتَكَلَّمُ بهذه الأبيات إما مُنْشِدًا أو مُنْشِئًا، وقبلَ هذه الأبيات يقول: "لقد تأَمَّلْت الطرقَ الكلامِيَّةَ والمناهِجَ الفلسفية، فلم أَرَها تَرْوِي غَلِيلًا ولا تَشْفِي عَلِيلًا، ووجدتُ أقربَ الطرقِ في ذلك