للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يُتْلَى عَلَيْهِمْ}، فالقرآنُ ليس غَائبًا عنهم حتى يَعْتَرِضُوا، ولكنه يُتْلَى عَليهِمْ.

الفَائِدةُ السَّادسَة: أن مجرَّدَ تلاوةِ القُرآنِ على شخصٍ يكونُ مُلْزِمًا له بالاتِّباعِ؛ لأن اللَّه لم يَذْكُرْ أكثَرَ مِنَ التِّلاوةِ، فإذا تَلَي القرآنَ على إنسانٍ فقد قامتِ عليه الحُجَّةُ، ولهذا الجِنُّ ولَّوْا إلى قومِهِمْ مُنْذِرِينَ بمُجَرَّدِ سماعهِمْ القرآنُ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} [الجن: ١ - ٢]، وقال تعالى: {قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأحقاف: ٣٠].

فقِراءَةُ القرآنِ مُلْزِمَةٌ، لكن إذا كان لا يَفْهَمُ لغة القُرآنِ فلا تكونُ مُلْزمة، لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤]، ولا يحْصُلُ البيانُ وهو لا يَدْرِي لُغَةَ القُرآنِ.

الفَائِدةُ السَّابِعَةُ: ما يتَضَمَّنَهُ إنزالُ القرآنِ من الحُرمَةِ والذِّكْرى، وهو الاتِّعَاظُ والتذكُّر، لقولِهِ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى}.

الفَائِدةُ الثَّامِنة: أنه لا ينْتَفِعُ بهذه الرَّحمةِ والذِّكْرى إلا المؤمنونَ، لقوله عَزَّ وَجَلَّ: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.

الفَائِدةُ التَّاسِعَةُ: كُلَّمَا كانَ الإنسانُ أقْوَى إيمانًا كان أكْثَرَ انتِفَاعًا بالقُرآنِ، وكلما كان أضعفَ إيمانًا أو أكثرَ مَعْصِيَةً كان أبعدَ عن فَهْمِ القُرآنِ والانتفاعِ به، بل إن المعَاصِيَ تحولُ بينَ الإنسانِ وبين فَهْمِ القرآنِ.

وقد استَنْبَطَ بعضُ العلماءِ من قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥) وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ

<<  <   >  >>