لكنَّ حذْفَ الواوِ هنا غيرُ ممكنٍ؛ لأننا لو حَذَفْنَا الواوَ استَلْزمَ ذلك إرجاعُ ألِفِ الفِعْلِ، وهذا يؤَدِّي إلى أنه لا يكونُ لدَينا دَليلٌ على الضَّمير، فصارَ وجودُ الضمير لا بُدَّ منه، وحُرِّكَ بالضمِّ لأنه يجَانِسُ الواو، ولأن ظُهورَ الفتحةِ على الواوِ ثقيلٌ جدًا، والضَّمة أقربُ لمجانَسَتِهَا الواو، وهذا كثير في القرآنِ.
قوله:{دَعَوُا اللَّهَ} دعاءُ مسألَةٍ.
وقوله:{مُخْلِصِينَ} الإخلاصُ: تَنْقِيَةُ الشيءِ عما يَشُوبُهُ، فمعنى {مُخْلِصِينَ لَهُ} أي: لا يجْعَلُونَ مع هذا الدعاءِ دعاءً لشيءٍ مِنَ الأصنامِ.
قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَهُ الدِّينَ} أي: الدُّعاءُ]: لأن الدُّعاءَ عِبادَةٌ فهو مِنَ الدِّينِ؛ لأن الإنسان حين يدْعُو رَبَّهُ متَعَبِّدًا يَشْعُرُ بأنه سيُثَابُ على هذا فيكون من الدِّينِ، ولهذا قالَ:{مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}.
قوله رَحِمَهُ اللَّهُ:[لَا يَدْعُونَ مَعهُ غَيْرَهُ] لأنهم في شِدَّةٍ لا يكْشِفُهَا إلا اللَّهُ، وهم بذلك معْتَرِفُونَ ومضَطَرُّونَ؛ لأن الواحدَ منهم في هذه الحالِ لا يُمكِنُ أن يَدْعُو صَنَمًا؛ لأنه يعْلمُ أن الصَّنَمَ لا ينْفَعُه، فلا يَدْعُونَ إلا اللَّه، وهذه حُجَّةٌ رابِعَةٌ عليهم: