للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن قال: إن للَّه شريكًا فقدْ افتَرَى على اللَّهِ كَذِبًا، ومن قال: إن مِنْ أسماءِ اللَّه كذا، وهو ليس من أسمائِهِ، فقد افتَرَى على اللَّه كَذِبًا، وكذلك النَّصارَى الذين يسمونَ اللَّه أبًا، والفلاسفة الذين يَقُولونَ إنه العِلَّةُ الفاعِلَةُ، كل هذا كذبٌ على اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.

وكذلك الكذبُ على اللَّهِ في صِفاتِهِ -وقد تقدم- والكذِبُ على اللَّه في أحكامِهِ، مثلُ الذي يقولُ: هذا حَلالٌ وهذا حرامٌ، وهو ليس بحلالٍ وليس بحرامٍ، فاللَّه تعالى بيَّن أنه لا أحَدَ {أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}.

لكن يُشْكِلُ على قوله تعالى: {أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أن مثلَ هذه الصِّيغَةِ تأتي في سياقاتٍ أُخْرى وقد جمعهم اللَّه تعالى في آيَةٍ واحدةٍ، قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [الأنعام: ٩٣]، وأيضًا قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: ١١٤]، وورد في الحديث: "ومَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي" (١).

والجواب عن هذا: إما أن نَقُولَ: لا أحدَ أظْلَمُ في المعنى المعَيَّنِ، وذلك أن الافْتراءَ على اللَّهِ الكَذِبَ يكونُ على اللَّه ويكون على غير اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لكن الذي افْتَرَى على اللَّه الكذِبَ أظلمُ ممن افْتَرى على غيرِهِ.

وكذلك من مَنَعَ مساجِدَ اللَّه، ومن مَنَعَ الأسواق، ومن مَنَعَ بيتك أن تَدْخُله،


(١) أخرجه البخاري: كتاب اللباس، باب نقض الصور، رقم (٥٦٠٩)؛ ومسلم: كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة. . .، رقم (٢١١١) عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>