يجاهِدَ في سبيلِ اللَّه ولو تَعرَّض للقتلِ، أما إذا كانتِ المسألةُ إكْراهًا شخصيًا على الكُفرِ، فإن هذا يجوزُ بشرطِ أن يكونَ قلبُه مُطمئنًا بالإيمانِ.
فعلى هذا إذا كان هناكَ رجلٌ قُدوةٌ أمامَ الناسِ وأُكرهَ على أن يفعلَ معصيةً أو أن يفْعلَ كُفرًا، وفِعْلُه لها ليس لمجرَّدِ أن يتَخَلَّص من الأَذِيَّةِ ولكن سَيُفسِدُ به أمةً مِنَ الناسِ، فهذا نقول له: لا تَفْعَلْ ولا توافِقْ، ولو أُكْرِهْتَ ولو ضُربْتَ؛ لأن المقامَ مقامُ جِهادٍ في سبيلِ اللَّه. وإنسانٌ آخرُ لا يُؤبَهُ به ولا يَنظرُ الناسُ إليه ولا يحفِلُون به، وأُكرِهَ على أن يفعلَ شيئًا مِنَ الكُفر أو ما دونه، فله أن يَفْعَلَ بشرط أن يكون قلْبُه مُطْمئنًا بالإيمان، مِثلَمَا قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولو قال قائل: الإمامُ أحمدُ لم يَقُلْ بخَلقِ القُرآنِ لأنه قدوةٌ، فكيف تُجِيزُونَ التَّحاكُمَ للعلماءِ عندَ الضَّرورةِ؟
الجواب: الإمام أحمد لو قال: إن القرانَ مَخْلوقٌ فهو قَولٌ باطِلٌ، أما هذا فلم يتَحَاكَمْ إليهم لِكَي يَحْكُموا له بالبَاطِلِ، لذلك اشَتَرْطَنْا أنه إذا حَكَمَ له بغيرِ الحقِّ أن يَرْفُضَ الحُكْمَ.
وقوله:{فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا} الصِّدقُ مطابقةُ القولِ للواقعِ، أو مُطابقةُ الفِعل للواقِعِ، فالذين صَدَقوا صدَقوا في قولهم: إنَّهم مؤمنونَ، فمَنْ كانَ صادِقًا في إيمانِهِ فإنه يَسْلَمُ بذلك، ومن كانَ كاذبًا فإنه -والعياذُ باللَّه- يَنْخدِعُ بهذه الفِتنَةِ، وينقَلِبُ على وجههِ، ويخسِرُ الدُّنيا والآخِرة.
وقولُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[عِلْمَ مُشَاهَدَةٍ]، يشير إلى أن قوله تعالى:{فَلَيَعْمَنَّ اللَّهُ} مستَقْبلٌ، بدليلِ دخولِ نونِ التوكيدِ عليه، وبدَليلِ أنَّ الجملةَ قسَميَّةٌ، والجملةُ القَسَمِيَّةُ