للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عهد أبي بكر ، وأيضًا فالنبي ذكر خروج الأسود صاحب صنعاء بعده، لا في حياته، وتعقبه ابن القطان: بأن رجاله ثقات، وتفرد ضمرة به لا يضره، ويحتمل أن يكون معناه أنه أتي به رسول الله قاصدًا إليه، وافدا عليه، مبادرًا بالتبشير بالفتح، فصادفه قد مات . قاله حافظ العصر.

قلت: وقول الحاكم: أن الأسود ثم يخرج في حياته، غير مسلم، فقد ثبت أن ابتداء خروجه كان في حياة النبي ، وإنما معنى قوله : أنه يخرج بعده، على اشتداد شوكه، واشتهار أمره، وعظم الفتنة به، وكان كذنك، وقتل في أثر ذلك، ومع ذلك فلا حجة فيه، إذ ليس فيه اطلاع النبي على ذلك، وتقريره.

قلت: يشكل على هذا المعنى ذكر ما رواه ابن جرير الطبري في قصة الأسود من طريق العلاء بن زياد، عن ابن عمر (١)، قال النبي : " (أتى) (٢) الخبر إلى النبي من السماء الليلة التي قتل فيها العنسي ليبشرنا، فقال: قتل العنسي البارحة، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين، قيل: ومن؟ قال: فيروز، فاز فيروز". وسياق حديثه صريح في هذا، وملخصه أن الأسود كان كاهنًا معه شيطان، وتابع له فادّعى النبوة، وخرج فنزل على ملك اليمن، فقتل ملكها، ونكح امرأته، وملك اليمن، وكان النبي قد بعث وبر بن يحنس الأزدي، فاجتمع مع داذويه، وقيس بن (المكشوح) (٣) المرادي، وفيروز الديلمي على قتله، فبعثوا إلى امرأة الملك أنا نريد قتل الأسود، فكيف لنا؟ فأرسلت إليهم، فأتاها فيروز الديلمي، فدلتهم على بيت ليس على ظهره حرس، وواعدتهم أن ينقبوه، ويدخلوا على الأسود فيقتلوه، وكان الأسود يرى بعضهم عندها، فيكاد يقتله، فتذكر أنه يلوذ لها بقرابة ونسب ورضاع محرم، فأخذوا


(١) تاريخ الطبرى (٣/ ٢٣٦).
(٢) ليست في (م).
(٣) في (م): المكتوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>