للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله: هو الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء [البقرة/ ٢٢]. فالبناء لمّا كان رفعا للمبني قوبل به الفراش الذي هو خلاف البناء.

ومن ثمّ وقع على ما كان فيه ارتفاع في نصبته، وإن لم يكن مصدرا كقول الشاعر «١»:

لو «٢»

وصل الغيث أبنين امرأ ... كانت له قبّة سحق بجاد

أي: جعلت بناءه بعد القبّة خلق كساء، كأنه كان يستبدل بالقباب خباء من سحق كساء لإغارة هذه «٣» الخيل عليهن.

فأما قراءة من قرأ: أفمن أسس بنيانه فبنى الفعل للفاعل، فلأنه الباني والمؤسس فأسند الفعل إليه، وبناه «٤» له، كما أضاف البنيان إليه في قوله: بنيانه فكما أن المصدر مضاف إلى الفاعل كذلك يكون الفعل مبنيا له. ويدلّ على


(١) ينسب هذا البيت إلى أبي مارد الشيباني، كما في الخصائص ١/ ٣٨ والبجاد: الكساء المخطط. والسحق: البالي. قال ابن جني: والمعنى:
لو اتصل الغيث لأكلأت الأرض وأعشبت، فركب الناس خيلهم للغارات، فأبدلت الخيل الغني الذي كانت له قبة من قبته سحق بجاد، فبناه بيتا له بعد ما كان يبني لنفسه قبة فنسب ذلك البناء إلى الخيل، لما كانت هي الحاملة للغزاة الذين أغاروا على الملوك، فأبدلوهم من قبابهم أكسية أخلاقا، فضربوها لهم أخبية تظللهم.
انظر تنبيه البكري على أوهام القالي/ ١٩ والسمط ١/ ٢٣ واللسان (بني).
(٢) في (ط): ولو.
(٣) في (ط): هذا.
(٤) في (ط): وبناؤه.