فإذا حملته على هذا، لم يجز أن يكون صفة للمصدر، لأن الموصوف الذي هو المصدر موضعه بعد الفعل، تقديره:
يوم نحشرهم حشرا كأن لم يلبثوا، أو لم يلبثوا قبله، والصفة لا يتقدّم عليها ما تعمل فيه، ولا يجوز أيضا أن تجعله صفة لليوم على هذا، لأنّ الصفة لا تعمل في الموصوف، ألا ترى الصفة إيضاح للموصوف وتبيين له، كما أنّ الصلة كذلك، وإذا كان على هذا لم يسغ عمل واحد منهما فيما يوضحه ويبينه، لتنزّله منزلة بعضه، فإن قلت: فإذا قدّرت كأن لم يلبثوا تقدير الحال
من الضمير هل يجوز أن يكون يوم ... معمولا له؟ فإنّ ذلك لا
يجوز لأنّ العامل في الحال نحشر، ونحشر قد أضيف اليوم إليه، فلا يجوز أن يعمل في المضاف المضاف إليه، ولا ما يتعلق بالمضاف إليه، لأنّ ذلك يوجب تقديمه على المضاف ألا ترى أنّه لم يجز: القتال زيدا حين تأتي.
وإذا جعلت يتعارفون العامل في يوم نحشرهم لم يجز أن يكون صفة لليوم على أنّك كأنّك وصفت اليوم بقوله: كأن لم يلبثوا، ويتعارفون، فوصفت يوم نحشرهم بجملتين، لم يجز أن يكون معمولا لقوله: يتعارفون لأنّ الصفة لا تعمل في الموصوف، وجاز وصف اليوم بالجمل، وإن أضيف لأنّ الإضافة ليست بمحضة فلم تعرّفه.
ويدلّ على النون في يوم نحشرهم قوله: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا [الكهف/ ٤٧] وقوله: فجمعناهم جمعا [الكهف/ ٩٩]، وقال: ونحشره يوم القيامة أعمى [طه/ ١٢٤].