للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يحمل القليل على أنّهم ناس، لأن (قليلا) مفرد، وفي التنزيل:

إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ [الشعراء/ ٥٤] إلّا أنّه قد جاء فعيل مفردا يراد به الكثرة كفعول، نحو قوله: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [النساء/ ٦٩] وقال: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ [المعارج/ ١٠] فدلّ عود الذكر مجموعا إلى القبيلين على أنّه أريد بهما الكثرة، وقال رؤبة «١»:

دعها فما النحويّ من صديقها فإن جعلت القليل ناسا، وجب ألا يكونوا دخلوا في اللعن، فيكون: إلّا قليلا، استثناء من قوله: لَعَنَهُمُ اللَّهُ ...

إِلَّا قَلِيلًا [النساء/ ٤٦].

ويجوز أن يكون الاستثناء من قوله: فَلا يُؤْمِنُونَ، ويكون قوله: لَعَنَهُمُ اللَّهُ واقعا على الكفار منهم دون المستثنين.

وما قاله السدّي هو القول: لأنّه قد قال: «٢» فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ، وما زائدة، فالمعنى: «٣» يؤمنون قليلا، أي إيمانا قليلا.

وأمّا قوله: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ [يوسف/ ١٧] فليس المعنى على: ما أنت بمصدّق لنا ولو كنا


(١) وهو في القسم المنسوب إليه في ديوانه ١٨١ وقبله:
تنح للعجوز عن طريقها ... قد أقبلت رائحة من سوقها
والمراد بالعجوز والدة رؤبة أو امرأة من العرب، وقيل في الشاهد غير ذلك. انظر شواهد الشافية: ١٣٨. وشأن الدعاء للخطابي ص/ ١٤٩.
(٢) في (ط): لأنه قال.
(٣) في (ط): والمعنى.