للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صادقين عندك، لأنّ الأنبياء لا تكذّب الصادقين، ولكن المعنى: ما أنت واثقا، ولا غير خائف الكذب في قولنا، ولو كنّا على الحقيقة صادقين عندك لما خلونا من ظنّة منك وتهمة «١» لك أنّا قد «٢» كذبناك، لفرط محبّتك ليوسف وإشفاقك عليه. وهذا المعنى متعالم في استعمال الناس. فمؤمن هنا من آمن، أي صار ذا أمن أو صار ذا ثقة، فنفى ذلك، أي: لا تثق بأن الأمر كما تخبر ولا تسكن نفسك إليه.

وأمّا قوله: فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يونس/ ٨٨] «٣» فإنّ قوله: لا يؤمنوا في موضع نصب بالعطف على قوله: ليضلوا عن سبيلك فلا يؤمنوا. ولم يعطوا الأموال ليضلوا ويكفروا ولكن لمّا اختاروا ذلك فصار إليه عاقبة أمرهم كان بمنزلة قوله تعالى: «٤» فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [القصص/ ٨]، لمّا أدى التقاطهم

إيّاه إلى ذلك، وإن كان الالتقاط لغيره.

وأمّا قوله: ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ [آل عمران/ ١١٩]، ففي قوله: تُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ «٥» إنباء عن كون المؤمنين على خلاف صفة من ذكر في


(١) في (ط): من ظنة منك في تهمة لك.
(٢) في (ط): بأنا.
(٣) في الآية ٨٨ من سورة يونس: وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ.
(٤) سقطت لفظ: تعالى، من (ط).
(٥) سقطت من (ط) هذه الجملة: ففي قوله: «تؤمنون بالكتاب كله».