نحو: القاضي من الألف واللام، يحذف إذا كان في قافية أو فاصلة «١».
قال سيبويه: والفاصلة نحو: والليل إذا يسر [الفجر/ ٤] ويوم التناد [غافر/ ٣٢] والكبير المتعال [الرعد/ ٩]، فإذا كان شيء من ذلك في كلام تام، شبه بالفاصلة، فحسن حذفها نحو. ذلك ما كنا نبغ [الكهف/ ٦٤]، فإن قال: كيف كان الاختيار فيه، أن يحذف إذا كان في فاصلة أو قافية، وهذه الحروف من أنفس الكلم، وهلّا لم يستحسن حذفها، كما أثبت سائر الحروف ولم تحذف؟ فالقول في ذلك أن الفواصل والقوافي مواضع وقف، والوقف موضع تقرير، فلما كان الوقف تغيّر فيه هذه الحروف الصحيحة بالتضعيف والإسكان، وروم الحركة فيها غيّرت فيه هذه الحروف المشابهة للزيادة بالحذف. ألا ترى أن النداء لمّا كان موضع حذف بالترخيم، والحذف للحروف الصحيحة، ألزموا الحذف في أكثر الأمر للحرف المتغيّر، وهو تاء التأنيث، فكذلك ألزم الحذف في الوقف لهذه الحروف المتغيّرة، فجعل تغييرها الحذف، ولم يراع فيها ما روعي في نفس الحروف الصحيحة. ألا ترى أنه سوّى بالزيادة في قولهم في النسب إلى مدامى: مداميّ، كقولهم في النسب إلى حبارى: حباريّ، فحذف كما حذفت للزيادة، وقالوا في تحية: تحويّ، فشبهوها بحنيفة.
ونحوه، وحذفوا اللام وسوّوا بينها وبين الزائد في الحذف للجزم، نحو: لم يغز، ولم يرم، ولم يخش، أجري مجرى الزائد في الإطلاق نحو:
(١) من بداية الفقرة في قوله: وجميع ما لا يحذف ... إلى حيث وضعنا رقم الحاشية هو من كلام سيبويه، وكذلك ما بعده. انظر الكتاب ٢/ ٢٨٩.