للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الممثل بتلميذه محمد بن الحسن.

ونحن لو سلّمنا أن أبا علي كان معتزليا، وأردنا أن نسلّم أن من كان في اعتقاده معتزليا يمكن أن يكون شيعيا، لأن كل شيعي معتزلي في اعتقاده وليس العكس، ولكن الأمر المحيّر هو أن يكون أبو علي معتزليا شيعيا حنفيا بحسب الدراسة التي توصل إليها الدكتور بالأدلة والبراهين.

ومن يدري؟! فلعله يخطر له خاطر يجعله فيه شافعيا أو حنبليا أو مالكيا، وإذ يمكن للدارس- بيسر- أن يتلمس له من الآراء ما يوافق فيه هذه المذاهب؟! فما رأيكم!! ولعلّ القارى الكريم يستشرف لمعرفة رأينا في هذا الموضوع فنقول:

الحقيقة أن مذهب الأحناف أقرب المذاهب التي تتلاءم مع طبيعة أبي علي الفارسي التي تكاد تكون مفطورة على حب القياس والولع به مما جعله يقول: لأن أخطئ في خمسين مسألة مما بابه الرواية أحبّ إليّ من أن أخطئ في مسألة واحدة قياسية (ياقوت ٧/ ٢٥٤)، وسمة القياس هذه من أبرز سمات فقه أبي حنيفة ثم تصريح أبي علي بأنه قرأ جميع علم البصريين على أصحابه، وكتاب الطلاق لمحمد بن الحسن فهذه قرينة دالّة على ما ذهبنا إليه. وإذا أضفنا ما ذكره ابن جنّي في الخصائص [١/ ٢٠٨] حيث قال:

وقلت مرة لأبي بكر بن علي الرازي المشهور بالجصاص صاحب أحكام القرآن، وهو حنفي «١» - وقد أفضنا في ذكر أبي علي، ونبل قدره، ونباوة محلّه: أحسب أن أبا علي قد خطر له، وانتزع من علل هذا العلم ثلث ما وقع لجميع أصحابنا، فأصغى أبو بكر إليه ولم يتبشّع هذا القول عليه» يمكننا أن نقرر مطمئنين إلى أن أبا علي كان حنفي المذهب لا شيعيا. وما يصادفه القارئ من قوله: «عليه السلام» حينما يذكر عليا رضي الله عنه، ليس هذا بالدليل على أن أبا علي الفارسي شيعي، بل كان في ذلك يجاري وليّ نعمته، عضد الدولة الذي قدّم له كتاب الحجة وغيره والذي كان يترضاه، ويتملقه. وقد ذكر ابن خلكان وصاحب شذرات الذهب، ومرآة الجنان وغيرهم أن سبب

استشهاد أبي علي الفارسي في كتاب الإيضاح في باب كان


(١) انظر الطبقات السنية ١/ ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>