للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونسينا في معنى تركنا. لأن الخطأ والنسيان موضوعان عن الإنسان وغير مؤاخذ بهما. فيكون أَخْطَأْنا بمنزلة خطئنا كما جاء خطئنا في معنى أخطأنا.

ويجوز أن تكون أَخْطَأْنا في قوله: أَوْ أَخْطَأْنا على غير التعمّد. والنّسيان: خلاف الذّكر، وليس التّرك، ولكن تعبّدنا بأن ندعو لذلك، كما جاء في الدعاء: قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ [الأنبياء/ ١١٢] والله سبحانه لا يحكم إلا بالحقّ.

وكما قال: رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ [آل عمران/ ١٩٤] وما وعدوا به على ألسنة الرّسل يؤتونه. وكذلك قول الملائكة في دعائهم للمسلمين: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ، وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ [غافر/ ٧] وكذلك قوله: رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ [البقرة/ ٢٨٦] يكون على ما يكرثهم «١» ويثقل على طباعهم، وتكون الطاقة: الاستطاعة.

وقد يكون: أخطأنا: أتينا بخطإ. كقولك: أبدعت: أتيت ببدعة. ونحو هذا مما يراد به هذا النّحو.

وتقول: خطّأته فأخطأ. فيكون هذا كقولهم: فطّرته فأفطر.

فأمّا ما روي عن ابن عباس من قوله: خطّ الله نوءها «٢».


(١) يكرثهم من كرثه الأمر يكرثه ويكرثه كرثا، وأكرثه: ساءه واشتد عليه، وبلغ منه المشقة ويقال: ما أكترث له أي ما أبالي به. اللسان/ كرث/.
(٢) يشير إلى جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عند ما سئل عن رجل جعل أمر امرأته بيدها فقالت: أنت طالق ثلاثا، فقال: خطّأ الله نوءها ألّا طلقت نفسها. يقال لمن طلب حاجة فلم ينجح: أخطأ نوؤك، أراد جعل