للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض المفسرين «١»: نسي موسى ربّه عندنا، وذهب يطلبه في مكان آخر. وأما قوله: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ [يوسف/ ٤٢] فإن إنساء الشيطان هو أن يسوّل له، ويزيّن الأسباب التي ينسى معها. وكذلك قوله:

فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف/ ٦٣] يجوز أن يكون الضمير في أنساه ليوسف أي أنسى يوسف ذكر ربه كما قال: وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى [الأنعام/ ٦٨].

ويجوز أن يكون الضمير في أنساه للذي ظنّ أنه ناج «٢»، ويكون ربّه ملكه. وفي الوجه الأول يكون ربّه الله سبحانه «٣»، كأنه أنساه الشيطان أن يلجأ إلى الله «٤» في شدته. وأما قوله:

فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ [الأنعام/ ٤١] فالتقدير: تنسون دعاء ما تشركون فحذف المضاف، أي: تتركون دعاءه، والفزع إليه، إنما تفزعون إلى الله سبحانه «٥»، ويكون من النسيان الذي هو خلاف الذكر كقوله: وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء/ ٦٧] أي تذهلون عنه فلا تذكرونه.

وقال: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي [المؤمنون/ ١١٠]. فهذا يجوز أن يكون منقولا من الذي بمعنى الترك، ويمكن أن يكون من الذي هو خلاف الذكر،


(١) في (ط): زيادة المعنى.
(٢) في (ط): ناج منهما.
(٣) في (ط): عز وجل.
(٤) في (ط): الله عز وجل.
(٥) في (ط): عز وجل.