للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رفعناها من جهة النسخ بآية، أو الإنساء «١»؛ أتينا بخير من التي ترفع وتبدل على أحد هذين الوجهين، ومعنى نأت بخير منها:

أنه أصلح لمن تعبّد بها، وليس المعنى في قوله: نأت بخير منها، أن الناسخة خير من المنسوخة أو المنساة، أي: أفضل منها، ولكن أصلح لمن تعبّد بها وأدعى لهم.

وقال أبو إسحاق: قال أهل اللغة في معنى: أَوْ نُنْسِها قولين: قال بعضهم: أَوْ نُنْسِها من النسيان، قال: وقالوا:

ودليلنا على ذلك قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى، إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى/ ٦] فقد أعلم أنّه شاء أن ينسى، قال: وهذا القول عندي ليس بجائز، لأن الله قد أنبأ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «٢» في قوله: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ [الإسراء/ ٨٦] أنه لا يشاء أن يذهب بما أوحى إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «٣».

قال أبو علي: هذا الذي احتجّ به على من ذهب إلى أنّ ننسها من النسيان، لا يدل على فساد ما ذهبوا إليه من أن ذلك من النسيان، وذلك أن قوله: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ [الإسراء/ ٨٦] إنما هو على ما لا يجوز عليه النسخ والتبديل من الأخبار وأقاصيص الأمم، ونحو ذلك مما لا يجوز عليه التبديل. والذي ينساه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «٤» هو ما يجوز أن ينسخ من الأوامر والنواهي الموقوفة على المصلحة في الأوقات التي يكون ذلك فيها أصلح.


(١) في (ط): والإنساء.
(٢) سقطت صلّى الله عليه وسلّم، من (م).
(٣) سقطت من (ط).
(٤) سقطت من (ط).