للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال سيبويه: المظلمة: اسم ما أخذ منك «١». فكأنّ تقدير: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً: من أذنب ذنباً بينه وبين الله، أو اقتطع حقاً للعباد، وهذان جنسان.

ومما يقوي ذلك: أن قوله: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً إنما نزل في رجل سرق شيئا من آخر، فكأنّ ذلك المسروق أوقع عليه اسم الإثم كما أوقع عليه في الآية الأخرى. فأما الذّكر الذي في رَبِّهِ على الإفراد فلأن المعنى: ثم يرم به بأحد هذين، بريئا. أو يكون عاد الذكر إلى الإثم، كما عاد إلى التجارة في قوله عز وجل «٢»: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها [الجمعة/ ١١] وقد يكون الذكر في إِلَيْها عائداً على المعنى، لأن المعنى: إذا رأوا إحدى هاتين الخصلتين.

وقال تعالى «٣»: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة/ ٢٠٣] والإثم إنما يظنّ أن يكون على المتعجّل، فأمّا المتأخر فليس بآثم لإتمامه نسكه، فقيل:

من تأخّر فلا إثم عليه، فذكر المتأخر بوضع الإثم عنه، كما ذكر المتعجل، فقال بعض المتأولين: ذكر أن وضع «٤» الإثم عنهما، وإن كان الذي يلحقه الإثم أحدهما.

قال: وقد يكون المعنى: لا يؤثّمنّ أحدهما الآخر، فلا يقول المتأخر للمتعجل: أنت مقصر «٥». ومثل الوجه الأول عنده قوله في «٦» المختلفين: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ


(١) الكتاب ٢/ ٢٤٨.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) سقطت من (ط).
(٤) في (ط): بوضع، مكان: أن وضع.
(٥) انظر معاني القرآن ١/ ١٤٨.
(٦) في (م): قول المختلفين.