للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ حمزة والكسائي: قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ موصولة الألف ساكنة الميم «١».

قال أبو علي: أما من قرأه على لفظ الخبر، فإنّه «٢» لمّا شاهد ما شاهد من إحياء الله وبعثه إياه بعد وفاته، أخبر عما تبيّنه وتيقّنه مما لم يكن تبيّنه هذا التبيين «٣» الّذي لا يجوز أن يعترض عليه فيه إشكال، ولا يخطر «٤» على باله شبهة ولا ارتياب، فقال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي: أعلم هذا الضرب من العلم الذي لم أكن علمته قبل.

ومن قال: أَعْلَمُ على لفظ الأمر، فالمعنى: يؤول إلى الخبر، وذاك أنّه لما تبيّن له ما تبيّن من الوجه الذي ليس لشبهة عليه منه طريق، نزّل نفسه منزلة غيره، فخاطبها كما يخاطب سواها فقال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وهذا مما تفعله العرب، ينزّل أحدهم نفسه منزلة الأجنبيّ فيخاطبها كما تخاطبه قال:

تذكّر من أنّى ومن أين شربه ... يؤامر نفسيه كذي الهجمة الأبل

«٥»


(١) السبعة ١٨٩.
(٢) في (ط): «فلأنه».
(٣) في (ط): «التبيّن».
(٤) في (م): «تخطر».
(٥) البيت للكميت بن زيد أنشده صاحب التاج في (أبل) ونسبه للكميت، وكذلك اللسان (أبل) بلفظة (شربه) بضم الشين وذكره الطبري في تفسيره ٢/ ٣٩٨. وفي القرطبي ٣/ ٢٩٧ عند تفسير قوله تعالى: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قال ابن عطية: وتأنس أبو عليّ في هذا المعنى بقول الشاعر: وأورد البيت .... يؤامر نفسه: يشاورها. والهجمة: عدد من الإبل قريب من المائة. والإبل بكسر الباء: اسم فاعل من أبل كفرح: إذا أحسن رعية الإبل، والقيام عليها.